يعيش المسلمون أفراح عيد الفطر المبارك
وحق لعبدٍ منّ الله تعالى عليه بإكمال عدة الصيام، ووفقه لتحقيق القيام، وجعله من أهل الإحسان، ويسر له جملة من خصال الإيمان، وفاز بليلة القدر، وأدى زكاة الفطر، ولهج بصالح الدعوات،
وذكر الله تعالى في سائر الأوقات
وكبر الله وحمده وهلله ليلة العيد،
وصلى صلاته وهي أعظم شعيرة الله على العبيد.حق لعبد هذا شأنه أن يفرح
وأن يظهر الفرح في يوم العيد،
لأن إظهار ذلك من الشعائر
قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}
وفي الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
((للصائم فرحتان، فرحة عنده فطره وفرحة عند لقاء ربه))
فيوم العيد
هو يوم الفطر الأعظم فإن إظهار الفطر فيه من الشعائر التعبدية التي يجب أن تظهر،
وأن تعظم والصوم فيه محرم بكل حال والواجب تعظيم شعائر الملة وحرمات الله تعالى
قال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ حُرُمَاتِ اللَّهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ عِنْدَ رَبِّهِ}
وقال سبحانه: {ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ}
فإظهار الفطر والفرح بالعيد من تعظيم شعائر الله وإخفاء ذلك أو مناقضته من أعظم المحرمات عند الله.
ولكن هاهنا أمر تجب مراعاته من كل مسلم
وهو أن رخص الله تعالى ينبغي أن تقبل وتستعمل على نحو ما شرع
وألا يذرع بها ويتوسل بها إلى شيء من المخالفات والبدع
فلا يجوز أن تتخذ الرخصة سلماً إلى المعصية
ولا يحل لعاقل أن يتظاهر بعد التنسك لله بالتمرد عليه بالعود إلى المعصية فيكون
{كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً}
فيبارز ربه – الذي طالما أنعم عليه ولطف به – يوم العيد وما بعده من الأيام بالعصيان،
فيكون من المتمردين على جبار السماوات والأرض متشبهاً بإبليس اللعين تمرد بعد النسك،
فأبلس من كل خير وخسر وهلك،
كأولئك الذين يجاهرون يوم العيد وما بعده بترك فرائض الصلوات
ويبارزون الله تعالى بمنكرات الأصوات وشر الحالات
والكل بين يدي الله موقوفون وبأعمالهم مجزيون
{يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَراً وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَداً بَعِيداً وَيُحَذِّرُكُمْ اللَّهُ}.
وكم من ظالم يعض – حينئذ – أصابع الندم قائلاً:
{يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً، يَا وَيْلَتِي لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلاناً خَلِيلاً، لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنْ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلإِنسَانِ خَذُولاً}
فليحذر العاقل أن يكون من هذا الصنف المذموم الملوم.
وحقيقة ناصعة لا ينبغي أن تغيب عن البال وهي أن شهر رمضان بما شرع الله فيه من جلائل الطاعات وأنواع القربات بمثابة دورة تدريبية يتكثف فيها العمل وتتضاعف فيه المثوبة
حتى يعتاد المسلم الخير ويتحلى بالاستقامة ويتأهل للحسنى بحيث يفترض أن يكون العمل الصالح سجية للمسلم لأنه طالما إعتاده وألفه وأحبه، لإيمانه بحسن عاقبته وعظم مثوبته وشؤم مخالفته.
ولاسيما وهو في كل يوم في اقتراب من أجله وبعد من أمله وأحرى بلقاء ربه، والأعمال بالخواتيم ومن بورك له في شيء فيلزمه فإذا كان ما يبنى في شهر يهدم في لحظات ولا فرق عند الشخص بين مراضي الله ومساخطه كان ذلك انفصاماً في الشخصية وفساداً في المقاييس وانقلاباً في الموازين وأمارة على الخسران ومن كان بهذه المثابة فإنه لا يحسد على حاله فكيف يقر على عمله فضلاً عن أن يقتدي به فاللهم غفراً وستراً واجعلنا من أئمة المتقين لا من الهداة إلى النار يا ستير يا غفار.
اسأل الله عز وجل لي ولكم قبول اعمالنا في صيامنا وقيامنا
وكل عام وانتم بخير
__._,_.___