يتفق المختصين في التأريخ البشري أن مفهوم الأقليات هو مفهوم قديم نشأ من جراء الهجرات السكانية وعدم أستقرار المجموعات البشرية ، مما أدي لتشابك العلاقات الأقتصادية والأجتماعية لتلك المجتمعات ، ومن ثم نمو الفوارق الطبقية ونمو الأختلاف في توزيع ثروة المجتمع المعني ،الى ظهور مستغِل ومستغَل ، فنشأت أقليات محكومة ومضطهدة من قبل الأكثرية . وبذلك أصبحت مسألة الأغلبية والأقلية محور غالبية الصراعات حول الحقوق والمواطنة والموارد والأرض منذ أقدم العصور وحتى اليوم ، ويمكن تعريف الاقلية حسب علم الأنثربولوجي الي أنها (تجمعات بشرية ذات خصائص معينة تختلف عن مثيلاتها في مجتمعات الأكثرية ، ولكل أقلية سماتها القومية أو الإثنية أو الدينية المشتركة بين أفرادها) ، والأقلية تاخذ أشكال متعددة فهناك أقلية دينية ،قومية ، عرقية ، مذهبية .... الخ . وقد نص الاعلان العالمي لحقوق الانسان الصادر في 1948 علي كفالة الحقوق المتساوية لجميع أفراد المجتمع .
جنوب السودان ومنذ الأستقلال تعرض مواطنوه لشتي انواع الظلم والتهميش ومورست ضدهم سياسات التعريب والأسلمة ولم تعترف الحكومات المتعاقبة بحقوقهم الا في اتفاقية أديس أبابا في عام 1972 ، والتي أسست لنظام حكم ذاتي يراعي خصوصيتهم الاجتماعية والسياسية داخل أطار الوطن الكبير ، أنقلب نظام نميري علي حقوق الجنوبيين المكتسبة في 1983 بأعلانه تطبيق قوانين ذات صبغة دينية في بلد متعدد الاعراق والثقافات ، وهنا كانت الشرارة لحرب استمرت زهاء ال 22 عاما ، فاقمها نظام الأنقاذ بالتجييش والتعبئة وشعارات الجهاد .
بعد فشل النظام في سحق الحركة الشعبية ونتيجة للضغوط الدولية أبرمت الحركة الشعبية مع الحكومة إتفاق سلام رعاه المجتمع الدولي ومن أبرز بنوده حق تقرير المصير ، واشتركا في حكم ثنائي وصيغ ثنائية لتقسيم السلطة والثروة ، اتسمت فترة الشراكة بالصراعات والمكايدات التي يتحمل وزرها الشريك الأكبر حزب المؤتمر الوطني .
القوي السياسية المعارضة بحكم سياسةالاضعاف التي أنتهجها نظام الأنقاذ أضحي خطابها نخبوي غير قادر علي الوصول والتأثير علي خيارات المواطن الجنوبي الذي أصبح علي مسافة اليد من ترجيح خيار الأنفصال .