محمد برقاوى
| موضوع: المجد...عوفي ..بابا ..مانديلا... الخميس 3 فبراير 2011 - 8:58 | |
| المجد...عوفي ..بابا ..مانديلا... . محمد عبد الله برقاوي.. bargawibargawi@yahoo.com
سجلات التاريخ حينما تحتضن سيرة النا س الذين كان لهم اثر ما في الحياة ايا كان ذلك الآثر دينيا أو سياسيا او علميا أو فلسفيا أوفنيا أو رياضيا أو حتي عسكريا أ وخلافه ..فانها قد تختلف من منظور القلم الذي خط تلك السيرة في اسفار الذاكرة..فتغدو مثار خلاف أو اتفاق وفقا لفهم كل عقل علي حده لفكر أو اداء او رسالة من كتبت عنه تلك السطور..وكثيرا ما قرأنا متناقضات حول اناس وصفهم البعض بالعظمة فيما ذهب اخرون الي نعتهم بالخيانة .. بل فقد مضى الكثيرو ن الي العالم الاخر وهم مغضوب عليهم من عقلية ذلك الزمان أما مدانين بالزندقة من منطلق الخلافات العقائدية أو انهم وصفوا بالجنون فيما ذهبوا اليه من تفسير لظواهر الكون وأسراره..ولكن دورة الزمان حينما تدحرجت الي الامام وأنجلي ظلام الجهل هاربا حيال اتساع دائرة شمس العلم ونور التقدم .. التفت العالم المتحضر الي مراقدهم وانصف اولئك الذين ماتوا ظلما بانجاز حصدت ثمرته الأجيال اللاحقة لزمانهم..تماما مثلما يكتشف العالم المعاصر ان الكثيرين ممن سجلوا في قائمة العظماء في زمان غابر انما كانوا مسخا مزورا ..منحنتهم ظروف زمانهم أو سطوتهم صورة زائفة لعظمة هم لا يستحقونها لانهم ببساطة أما انهم أجبروا أهل ذلك الزمان علي التسليم بها أوا انهم حاولوا ان يشتروها..فلما ذهبوا تلاشت خلف ذكراهم.. في عالمنا المعاصر ربما لم يتفق العالم حول عظمة رجل في عصرنا الحالي مثلما اتفقت الانسانية علي شخصية المناضل الشامخ نيلسون مانديلا الذي صنع تلك العظمة بنضاله وحقق المجد لأمته ممثلا في شخصه..اذ قبع في غياهب السجن سبعة وعشرين عاما وكان من الممكن ان يشتري حرية منقوصة وذليلة لو انه نطق بكلمة واحدة أو حتي كتبها علي جدران زنزانته وقرأها سجانه.. وحينما تسلل ضوء الشمس الي محبسه من عيون شعبه التي حملته في غيابه الحاضر... خرج يسير عالي الرأ س وهو يتنسم عبق هواء عبأءه في رئة الوطن من أنفاس صموده وهو خلف القضبان...خرج للناس معلما وموجها بتجارب اكتسبها عقله الذي كان يتسع يوما بعد يوم رغم ضيق الحيز المكاني المعتم بالعزلة بعيدا عن دوائر المعرفة. وصوت الاعلام...ولكن فكره الثاقب وفؤاده السابح في فضاءات الخارج مع طموحات واحلام شعبه كان الوتر الواصل له انسجاما مع اوركسترا نبض الشارع لحظة بلحظة.. لم يخرج للناس ليسددوا له فاتوره اسره فارضا نفسه حاكما ابديا..فاستجاب لدورة الآيام التي هي دول وحكم بتفويض من شعبه... ثم.. تقاعد وتصفيق الجماهير له كان في اوجه...لم ينتظر حتي تصفر له المدرجات.ولم يورث ملكا لمن هم من صلبه... فرسم لشخصه كل ألوان الخلود في نفوس الانسانية جمعا لانه لم يؤثر البقاءالزائل علي كرسي السلطة كما يفعل الان الكثيرون من حكام عالمنا العربي والافريقي..الذين يظنون ان العظمة ثمنها القمع والتجويع والتدليس باسم الدين او تتأتي بتزوير صناديق الآنتخابات علي غير ما تشتهي ارادة الشعوب..وحينما تهب عليهم رياح الغضب يذهبون غير مأسوف عليهم بل وتلاحقهم دعوات المقهورين...قبل ان تتعقبهم شرطة المحاكم الدولية وهم طريدون في ذلة المنافي..ثم يقفون اكثر وضاعة بعد ان ينفقوا غرباء كالأنعام..أمام مليك مقتدر ليحاسبهم بما اقترفوا في حق البشر المساكين..
مانديلا الآن يدخل المستشفي لأيام معدودات ثم يخرج وهو في الثانية والتسعين من عمره وربما تكون هذه رحلة علاجة الاخيرة.. مثلما قد تكون هذه السنة هي الاخيرة في السلطة والتسلط بالنسبة لعدد من حكام المنطقة العربية والافريقية تبعا للشواهد التي تنطق في شوارع بلدانهم..ولنا ان نقيس الفرق بين زعيم نادر في زمانه رابطت جموع الناس بكل قطاعاتهم وأعمارهم حول مرقده في المستشفي تنثر الأزاهير والقبلات و طيب الدعوات لرجل ان عاش فهو عظيم وان مات ازداد عظمة حققها بصدقه الوطني وعززها بنبله الانساني..وحافظ عليها بشجاعته لانه يملك قراره.. بالدرجة التي انتهر فيها رئيس اعظم قوة في العالم بيل كلينتون حينما زاره في جنوب افريقيا وحاول بتعالي الجاهل لقوة مانديلا ان يمليء عليه في خطبة عامة بان يلغي صفقة سلاح ابرمتها حكومة جنوب افريقيا مع حكومة سوريا..فتصدي له مانديلا قائلا ..تأدب ياهذا فانا لآ أعمل صبيا عندك فوالله لو لا انك ضيف في بلادي لكان لي معك شان اخر..!!! فاين تلك القوة والجسارة من زعماء يلعقون أقدام الرؤساء الامريكان استجداء للحماية لهم في كراسي هي الان تهتز من جراء زحف يحصب عليهم الحجارة والاحذية.. فشتان بين عظمة تعتز حينما تقترن بمناديلا .. وبين ذلة تتأبي تعففا ان تنزل الي مستوي الاقتران باناس باعو كرامتهم مقابلا لحكم لو دام لغيرهم.. لما أتي اليهم .. لو كانوا يعقلون.. فطوبي لك بابا مانديلا وانت مستشفيا .. والمجد عوفي اذ عوفيت والكرم.. فمثلما عشت عظيما تتربع في قلوب الانسانية جمعا.. فستمضي بعد عمر طويل باذن الله جسدا فقط لانك كتبت اسمك بل وحفرت صورتك في عيون الزمان .. وهي تشهد تمثالك المنتصب كالطود الأشم في أكبر ميادين لندن. رمزا للحرية...فيا لها من عظمة.....لا تشتري بالمال .....ولا تتأتي بقوة ...( الضراع ) والكلام للذين لا يعرفون قراءةالتاريخ لانهم لا يفهمون معني الجغرافيا.. و لايقدرون قيمةالحرية فهم ببساطة لم تأتي بهم الي سدة الحكم حرية و ارادة الشعوب .. لذا فستزفهم لعنات المظاليم الي يوم الدين .. علي خلاف مانديلا الذي تحفه دعوات المحبين .بالشفاء ان كتبت له في العمر بقية.. وان ذهب فهو قرير العين مرتاح الضمير.. .فقد عاش حرا لانه عشق الحرية والعزة وملكّها للاخرين وسيظل خالدا في ذاكرة التاريخ..وثنايا الجغرافيا.. ...ونسيج الانسانية.. والله المستعان ..وهو من وراء القصد.. | |
|