ركبت حافلة الحصاحيصا في السوق الشعبي مدني فصعدت تلك المرأة البيضاء المشلخة إلى الحافلة مدعية أنها تريد قطع التذكرة ولكن تنقصها ألفي جنيه
لم تكن تلك المرة الأولى التي أقابلها فيها بل أكاد أجزم أن هذا المشهد حدث في كل سفرياتي من وإلى مدني .. في بوابة السوق جاء ذلك الرجل النحيف الطويل مرتدياً جلبابه الوسخ طالباً إحسان وعرفته أيضاً فهو ممن تعودوا الشحاتة في الحصاحيصا وعند وصولنا للحصاحيصا وجدت ذلك العجوز مرتدياً نظارته الضخمة يحمل ورقته القديمة مدعياً أنها قطرة عيون لا يملك ثمنها
نفس الأشخاص وغيرهم عرفتهم متسولين منذ أكثر من عشرة سنين .. بل أن التسول أصبح يتخطى حدود المدينة فقد عرف عن كثير من المتسولين من أمثال المرأة البيضاء والرجل الطويل أنهم يذهبون إلى مدني يومياً لممارسة الشحدة في السوق الشعبي ومستشفى مدني والعودة آخر اليوم
الكثيرون غيرهم .. والكثيرون تعرفونهم .. يسألون الناس بإلحاح وهم في أتم الصحة والعافية
الكثيرون يعرفون بكذبهم ومع ذلك يعطونهم ويقولون أنهم يقصدون البر .. أفلا يعتبر ذلك تشجيعاً لهم على امتهانهم حرفة التسوّل
ما هو دور الجهات الرسمية في مكافحة التسوّل ؟
وما هو دور المجتمع في ردع هؤلاء الخدّاعين ؟
وهل أصبح الإحسان تشجيعاً للمتسولين ؟
أعتقد أن هذه الفئة تمثل وجهاً مظلماً للمدينة .. ومن الواجب الاهتمام بهم .. مع العلم بأنهم يرفضون أي طريقة كسب أخرى غير التسوّل
ترى هل ترون السواد الكالح الذي أراه تجاه هذه الفئة التي استمرت في التزايد؟
هل لديكم حلول نستطيع بها مجابهة هذه المشكلة ؟