اهداء الي صديقي واخي الاكبر (الرشيد حبيب الله)

لأني كنت أقود سيارتي في مشوار عمل لمئات الكيلومترات، و كنت حينها تنهكني الحُمى و الرشح و الزكام و إنشغالي بالطريق، و لأن الحديث إليك لا يكون عابراً أو في لحظة لا يكون فيها الذهن مرتباً، لذا لم أرد عليك حينها و فعلت ذلك بعدها و علمت منك بموضوع السهرة الشيقة التي لو لم تلفت إنتباهي لها، لما كنت أنت محمد حبيب الله أخي الأصغر و صديقي الأكبر..

و بعد..
جلست بإصغاء إلى سهرة (مبدع و زمن) و إستمعت بما إختاره لنا مُعد و مخرج الحلقة من درر الراحل عثمان الشفيع، له الرحمة، فكانت أغنياته في السهرة إن لم تخونني الذاكرة هي : القطار المرهـ، البان جديد، جاك الصباح،رب الجمال، وطن الجدود و لحن الحياة مع خلفية غنائية للحالم سبانا بين السرد الكلامي..على ما أذكر..كما إستمتعت بمداخلات المتحدثين و حديثهم عن ثنائية الشفيع و محمد عوض الكريم القرشي تاجر المواشي الأديب الذي قدم 60 عملاً غنائياً للشفيع و هو صداح حاضرة كردفان كما أطلقت عليه مقدمة الحلقة.
و لأنني (طماع) جداً..جداً..جداً في مثل هذه الحالات من الإصغاء الصافي، منيت نفسي بالإستماع إلى المذيد (مودة، رب الفن، رب الشعور، الذكريات، إله فني، عيد الكواكب، في الشاطئ، أيامنا، الزهور و الورد) و غيرهن مما شدى بهن هذا الشادي الذي لا تقف النشوة الوجدانية عندي بالإستماع له فقط، لكن ترحل الذاكرة أيضاً إلى صديقي و أستاذي هاشم محمد بابكر سوار (هاشم بندي) و الأستاذ محمد رملي بابكر و هما من الهائمين العاشقين لفن الشفيع..
الإجترار يذهب إلى الوراء أكثر عندما كنا طلاباً بجامعة الخرطوم و نحيي ليالينا بطريقتنا الخاصة. تذكرت صديقي المعز عمر بشير و هو يغني لنا دوماً (رب الجمال)، يعقبه محمد شريف علي ب(الأوصفوك) و من ثم يأتي دوري في الغناء لأترنم بروائع النور الجيلاني (أنا و الليل،سواح، العصفور و الذكرى المنسية).. مجموعة تغني، أخرى تصفق، و أخرون يعزفون، أخرون يستمعون و يدندنون و الجميع يفعلون ذلك بإنسيابية و تناغم لأنس النفوس و إلفتها مع نفسها و الحياة..
الذاكرة تتوقف طويلاً عند ذكر الراحل عثمان الشفيع حيث جلسات الذكريات و الشجن و (الأبوة) مع الوالد الحنون الفاضل حبيب الله التوم نمر، أمد الله في أيامه، و هو يروي لنا ذكرياته مع خورطقت و حدائق البان جديد و الحالم سبانا.. و من هو (الحالم) الذي دارت حوله الشبهات حينها و إلى اليوم و الذي سبى عقول العاشقين قبل العاشقات..!! و عند (حبيب الله التوم) الخبر اليقين..؟؟