ذر الرماد في العيون

انفصل الجنوب ولازال حكام الجبهة في ممارساتهم المعهودة في مصادرة الحريات، وتصاعد الحرب في دارفور، وقد انفجرت بعض القضايا وعلى رأسها، ترسيم الحدود، المواطنة، الجنسية، النفط ، الديون، مياه النيل والمشورة الشعبية في النيل الأزرق.
إضافة إلى ذلك على حكام الجبهة المحافظة على ما تبقى من الوطن، والدعوة إلى قيام الدولة المدنية الديمقراطية التي تسع الجميع وتحترم التعددات الثقافية والدينية والعرقية واللغوية.
كما على الحكومة أن تحد من التدهور الاقتصادي الذي بدأت بشائره تهل بعد خروج 70 في المائة من إيرادات النفط من خزينة الدولة، وهنالك تحد كبير يواجه الحكومة وهو ارتفاع الأسعار وتدهور قيمة الجنية السوداني، وارتفاع نسبة الفقر والضائقة المالية التي يمر بها أكثر من 50 في المائة من عامة الشعب السوداني، بالإضافة إلى الفوارق الطبقية من خلال بروز فئة رأسمالية طفيلية محسوبة على المؤتمر الوطني استحوذت علي الثروة من نهب المال العام وأصول الدولة.
ولحل كل هذه المشاكل لابد من إيجاد مخارج قانونية دستورية جديدة على ضوئها يتم تكوين حكومة انتقالية تعالج الضائقة المعيشية وتوفير الخدمات الأساسية، والحل الشامل والعادل لقضية دارفور، ومعالجة أزمة التعليم، وحل قضايا الشرق ومشاكل السدود في الشمال، وتصفية النظام الشمولي وقيام انتخابات حرة نزيهة في نهاية المطاف.
أما دعوة المؤتمر الوطني للحوار ولحكومة عريضة فهو نوع من ذر للرماد في العيون، ومناورة لكسب الوقت، وكما أكدت تجربة أكثر من عشرين عاما من حكم الجبهة، عدم جدية المؤتمر الوطني في أي حوار، وسعيه الدؤوب لشق صفوف المعارضة ونشر البلبلة والإحباط في صفوفها، ونقض العهود والمواثيق
وزاد نقض العهود من الاحتقان السياسي، كما حدث بعد اتفاقية نيفاشا والتي لم يتم تنفيذ جوهرها والذي يتلخص في التحول الديمقراطي، وتحسين الأوضاع المعيشية ورد المظالم للمفصولين تعسفيا، وقيام انتخابات حرة نزيهة، وتحقيق قومية الخدمة المدنية والتعليم ولجم الفساد، مما أدي في النهاية إلي انفصال الجنوب، وبالتالي يتحمل المؤتمر الوطني المسؤولية التاريخية في انفصال الجنوب.