تبرز البدانة كمرض عالمي يثير مخاوف مختلف منظمات الصحة العالمية. ولكن هناك مرض آخر لا يجب ابدا التقليل من خطره ورقعة انتشاره، فنسبة الاصابة به ترتفع يوما بعد يوم. وهو داء النقرس. يعاني ما بين 1 الى 1.5 من سكان اوروبا من داء النقرس، أما في الولايات المتحدة. فقد ارتفعت النسبة من 2.1 الى 3.9 % في السكان ما بين عامي 1990 و2007. اي اكثر من 8 ملايين مصاب. وتشير دراسة اميركية حديثة الى أن عدد البدناء الأميركيين المصابين بداء النقرس يفوق بمرتين او ثلاث، عدد المصابين بالداء ذاته من فئة الاوزان العادية.
بالإضافة الى ارتفاع نسبته فقد انتشر ليصل الى كل من الصين واليابان ونيوزلندا، ويعزى ذلك الى انتشار الوجبات السريعة. حيث يعرف أن ارتفاع عدد السعرات الحرارية التي نتناولها وارتفاع نسبة الدهون فيها يعد أهم محفز للإصابة بهذا المرض.
النقرس نوع من التهابات المفاصل التي تصيب مناطق معينة مثل اصابع اليد والقدم واحيانا الركبة والكاحل ايضا. وتنتج من ترسب بلورات املاح اليوريك بعد تفكك جزيئات البورين الى حمض اليوريك. تقوم الكليتان بالتخلص من حمض اليوريك عن طريق البول، لكن هذا الحمض يتحول على مستوى الدم الى املاح يوريك غير قابلة للذوبان. واذا تجاوز تركيزها في الدم 60 ملغ في الليتر، فإنها تترسب وتشكل بلورات صغيرة على سطح أنسجة المفاصل وما يحيط بها من غضاريف وعظام وعضلات. وهذا الترسيب يسبب حدوث تفاعل نسميه التهابا. وقد يعود سبب الاصابة بهذا المرض الى خلل في وظيفة الكلى التي تعجز عن التخلص من هذه الاملاح او بسبب نوعية الغذاء الغني بالبروتين الحيواني.
لا يشعر جميع من ترتفع لديهم نسبة املاح اليوريك بأعراض، لكن 10 الى %15 منهم يعانون من نوبات آلام شديدة. وكلما طالت فترة ارتفاع نسبة هذه الاملاح وكلما تقدم العمر بالمريض، زاد خطر الاصابة بنوبات النقرس. وهي حالة يعاني منها الرجال أكثر من النساء بعد عمر الخمسين. ويمكن ان يؤدي القصور الكلوي ايضا الى الاصابة بالنقرس. وأما اصابة النساء المتقدمة بهن السن بهذا المرض، فسببها في الغالب تناول الأدوية المدرة للبول لفترة طويلة، كتلك المستخدمة لعلاج ارتفاع ضغط الدم. وفي هذا الشكل الاخير من داء النقرس، وعند الاصابة بالنقرس الحاد، تظهر عقد صغيرة مزمنة على مستوى الكفين والقدمين وباقي غضاريف وعضلات الجسم وخاصة غضروف الأذن. ويقول البروفيسور فريدريك ليوتيه ان نوبة النقرس تؤدي الى احمرار المفصل وارتفاع درجة حرارته والشعور بالألم. وقد ينتج من اصابة الجسم بإنتان أو حمى. والطريقة الوحيدة التي تؤكد تشخيص المرض هي اخذ عينة من المفاصل وتشريحها، لاكتشاف وجود بلورات الاملاح. وتوصلت آخر الدراسات الى فهم أفضل لداء النقرس، والى أنه التهاب يتزامن مع الاصابة بداء التمثيل الغذائي ومرض السكر. ويشتبه بأن يكون أحد العوامل التي تزيد من خطر الاصابة بأمراض القلب والشرايين.
يعاني بعض المرضى من نوبة او نوبتين، فيما يكون المرض بالنسبة للبعض مزمنا، غير ان المدة بين النوبة والاخرى تزيد بمرور الوقت. ويقول الدكتور باسكال ريشات: «علينا ان نميز بين علاج النوبة، الذي يهدف الى الحد من الالم، لكنه لا يقي من نوبات اخرى، وبين العلاج العميق لداء النقرس الذي يهدف الى التخلص من ترسبات هذه الاملاح».
ويستعمل الأطباء حاليا عدة أدوية لعلاج نوبات النقرس، كعقار الكلوشيسين ومضادات الالتهاب وأدوية الكورتيكويد. لكن في حالة النقرس الحاد أو الاصابة بنوبات متكررة، يجبر الاطباء على استعمال ادوية لضبط نسبة الاملاح كعقار الالوبورينول. وبدأ قبل فترة قصيرة استعمال عقار جديد يدعى فيبوكسوستات. كما يعتمد العلاج ايضا على تجنب الاغذية التي ترفع نسبة املاح البوريك في الدم كالبروتينات الحيوانية والكحول والصودا.
داء النقرس في أرقام
35 عاما: هو متوسط العمر الذي يمكن ان يصاب فيه الانسان بأول نوبة نقرس.
1683 هي السنة التي وصف فيها الطبيب الانكليزي توماس سيدينهام لأول مرة داء النقرس.