ize=18][justify]{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ كَثِيرًا مِنَ الْأَحْبَارِ وَالرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ بِالْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ۗ وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [سورة التوبة: 34].
الكنيسة المصرية أعلنت إفلاسها بتصنعها لمعجزات وهمية تحاول بها إثبات مساندة السماء لها وتحاول التماس التأييد لدى أتباعها بعدما بدأت تفقد بريقها في نفوس العامة. والحقيقة أن أمر المعجزات التي بدت تتنزل على كنائس شنودة وفقط كنائس شنودة أمر واضح أنه من حيل الرهبان التي اشتهروا بها عبر تاريخ الكنيسة لجلب الأموال ولكسب ود الأتباع وإبهار العوام الجهلة , وفي دراسة أقدمها للقاري أحلل فيها سر ظهور العذراء على الكنيسة تحليلاً وافيا شافياً مقروناً بالأدلة والأرقام الإحصائية وتسلسل الأحداث ولكن قبل أن أسرد أدلة كذب الكنيسة في ادعائها أسوق للقارئ عقيدة الإسلام في مريم الصديقة عليها السلام:
إن الإسلام يوقر السيدة مريم العذراء البتول رضي الله عنها وأرضاها حيث قال الله عنها في كتابه:
{مَا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ ۖ كَانَا يَأْكُلَانِ الطَّعَامَ ۗ انْظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الْآيَاتِ ثُمَّ انْظُرْ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ} [المائدة: 75].
فبين القرآن مكانة مريم العذراء البتول رضي الله عنها وأرضاها أنها صديقة ذات مكانة عالية, وبين أيضاً أنها وابنها بشر يأكلون الطعام فليست لهم صفة الخالق وليسوا آلهة وإنما هم بشر مكرمون أما عيسى فمكرم كونه من الرسل الأطهار وليس كسائر الرسل بل من الخمسة الكبار أولي العزم الكرام, وهم محمد وإبراهيم وعيسى وموسى ونوح, وأما مريم فمكرمة كونها صديقة وكونها أم لأحد أولى العزم من الرسل وكونها أيضاً أجرى الله تعالى فيها معجزة باهرة لتكتمل بها عظمة الخالق في خلق الإنسان بجميع الصور فالصورة الأولى هي خلق الإنسان بلا أب ولا أم وهي حالة آدم عليه السلام, والحالة الثانية هي خلق الإنسان بأب وبلا أم وهي حالة حواء عليها السلام والحالة الثالثة هي حالة جميع بني آدم وهي الخلق من أب وأم فكانت الحالة الرابعة والأخيرة في الإعجاز الإلهي هي خلق الإنسان من أم بلا أب وهي حالة عيسى عليه السلام , الذي خلق بكلمة الله (كن) فكان.
وقد بين الإسلام أن احترام الأنبياء والرسل والصديقين لا يعني دعائهم أو الاستغاثة بهم أو طلب العون في المعايش أو الشفاء من الأمراض, بل جعل الله تعالى العلاقة بين العباد وبينه بلا واسطة فقال: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} [سورة البقرة: 186]، فالمسلم ليس بحاجة إلى الرسول محمد صلى الله عليه وسلم كواسطة بينه وبين الله, كذا هو ليس في حاجة لسائر الأنبياء أو الصديقين.
قال تعالى: {ذَٰلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ ۚ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ (13) إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ ۖ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ ۚ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} [سورة فاطر: 13-14].
قال الإمام ابن كثير في تفسيرها: "{وَلَوْ سَمِعُوا مَا اِسْتَجَابُوا لَكُمْ} أَيْ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْء مِمَّا تَطْلُبُونَ مِنْهَا، {وَيَوْم الْقِيَامَة يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} أَيْ يَتَبَرَّءُونَ مِنْكُمْ، كَمَا قَالَ تَعَالَى: {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ اللَّهِ مَن لَّا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ ﴿٥﴾ وَإِذَا حُشِرَ النَّاس كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاء وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ} [سورة الأحقاف: 5-6]، وَقَالَ تَعَالَى: {وَاتَّخَذُوا مِن دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِّيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا ﴿٨١﴾ كَلَّا ۚ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا} [سورة مريم: 81-82]، وَقَوْله تَعَالَى: {وَلَا يُنَبِّئك مِثْل خَبِير} [سورة فاطر: 14]، أَيْ وَلَا يُخْبِرك بِعَوَاقِب الْأُمُور وَمَآلهَا وَمَا تَصِير إِلَيْهِ مِثْل خَبِير بِهَا قَالَ قَتَادَة يَعْنِي نَفْسه تَبَارَكَ وَتَعَالَى أَخْبَرَ بِالْوَاقِعِ لَا مَحَالَة.
وقال الإمام القرطبي: "{وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ} أَيْ يَجْحَدُونَ أَنَّكُمْ عَبَدْتُمُوهُمْ, وَيَتَبَرَّءُونَ مِنْكُمْ. ثُمَّ يَجُوز أَنْ يَرْجِع هَذَا إِلَى الْمَعْبُودِينَ مِمَّا يَعْقِل; كَالْمَلَائِكَةِ وَالْجِنّ وَالْأَنْبِيَاء وَالشَّيَاطِين أَيْ يَجْحَدُونَ أَنْ يَكُون مَا فَعَلْتُمُوهُ حَقًّا, وَأَنَّهُمْ أَمَرُوكُمْ بِعِبَادَتِهِمْ; كَمَا أَخْبَرَ عَنْ عِيسَى بِقَوْلِهِ: {مَا يَكُون لِي أَنْ أَقُول مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} [سورة الْمَائِدَة: 116]، وَيَجُوز أَنْ يَنْدَرِج فِيهِ الْأَصْنَام أَيْضًا, أَيْ يُحْيِيهَا اللَّه حَتَّى تُخْبِر أَنَّهَا لَيْسَتْ أَهْلًا لِلْعِبَادَةِ. {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} هُوَ اللَّه جَلَّ وَعَزَّ ; أَيْ لَا أَحَد أَخْبَرُ بِخَلْقِ اللَّه مِنْ اللَّه , فَلَا يُنَبِّئك مِثْله فِي عَمَله" أ هـ.
بعد هذا العرض يتضح لنا أن المسلم ليس في حاجة كي تظهر له العذراء عليها السلام لتجيب الدعاء أو تشفي المريض فإنما يستجيب الله وحده لدعاء المضطرين ويكشف السوء وحده ويشفي المريض ويعطي المحتاج, فلا حاجة للمسلم إلى واسطة سواء السيدة الصديقة مريم أو غيرها من الصالحين.
كما أن الإسلام يثبت أن للشياطين قدرة على التشكل بأي شكل لإغواء البشر وإيقاعهم في الشرك حيث أن للشياطين قدرة على التشكل، بأشكال الإنسان والحيوان؛ فقد جاء الشيطان المشركين يوم بدر في صورة سراقة بن مالك، ووعد المشركين بالنصر، وفيه نزل قوله تعالى: {وَإِذْ زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ وَقَالَ لاَ غَالِبَ لَكُمُ الْيَوْمَ مِنَ النَّاسِ وَإِنِّي جَارٌ لَكُمْ} [سورة الأنفال: 48].
ولكن عندما التقى الجيشان، وعاين الملائكة تتنزل من السماء، ولى هارباً: {فَلَمَّا تَرَاءَتِ الْفِئَتَانِ نَكَصَ عَلَى عَقِبَيْهِ وَقَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكُمْ إِنِّي أَرَى مَا لاَ تَرَوْنَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَاللَّهُ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [سورة الأنفال: 48].
وقد يتشكل الشيطان في صورة حيوان: جمل، أو حمار، أو بقرة، أو قط أو كلب، خاصة الكلب الأسود. ومن ثمّ، أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم أن مرور الكلب الأسود يقطع الصلاة. وعلّل ذلك بأن «الْكَلْبُ الأَسْوَدُ شَيْطَانٌ» [رواه مسلم]، يقول ابن تيمية: "الكلب الأسود شيطان الكلاب، والجن تتصور بصورته كثيراً، وكذلك بصورة القط الأسود؛ لأن السواد أجمع للقوى الشيطانية من غيره، وفيه "قوة الحرارة".
وردت نصوص في تمثل الشيطان في الكلب الأسود، كما وردت نصوص أخرى في مصاحبة الشياطين لبعض الحيوانات، ومنها الإبل، للحديث المروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «عَلَى ذِرْوَةِ كُلِّ بَعِيرٍ شَيْطَانٌ فَإِذَا رَكِبْتُمُوهَا فَسَمُّوا اللَّهَ وَلاَ تُقَصِّرُوا عَنْ حَاجَاتِكُمْ» (سنن الدرامي، الحديث الرقم 2552)./justify][/size]