.. نواصل
حملت الأنباء و التصريحات و المقالات المحمومة خلال هذه الأيام الكثير من الافتراضات والآراء وسط (هممة!) شعبية على امتداد الشارع السوداني.. دون محاولة لفهم حقيقة ما يدور داخل أروقة المؤتمر الوطني بالنادي الكاثوليكي أو اللبس الحاصل لدى الرأي العام.. إعفاءات وإقالات لجنرالات وتعيين آخرين....
لاشك أن انتشار الفوضى والفوضيين أظهر طبقة من خلق الله تلقبت بألقاب ليست لها أو هم ليسوا لها (....!)، وما هم لها بأهل، هذه الطبقة استقت ثقافتها من السلطة والمخادعة، ويخطئ من يظن أنَّ آلـ (التمكين والهوس الديني!) أحسن حالاً من آلـ (النافع والنفعيين!!) أو أنّ (هيئة علماء السلطان!) أرفق بعقائد الناس وأخلاقهم من (غفلة الانتباهة) العاهرة أو أكاذيب رواد (الرائد) التي لا تكذب أهلها، فما هاتان الصحيفتان إلا وجهان لعملة واحدة (كذب له قرون) فالقضايا المطروحة في (النادي الكاثوليكي) الآن المقر الرئيس لـ (الانقاذيين) هي امتداد لما يطرح في صحف (الجماعة!) التي تشبه تاكسي "أم جريو"... ولكن الدخان المتصاعد والمنبعث من أروقة (المؤتمر الوطني) هو أثر للنار المضطرمة في مكاتبهم وخلافاتهم (الجمة). إنّ وجود الخلافات بين قيادات (الانقاذ) ليس سبُة في حد ذاتها ولكنها تأكيد على حجم الانتهازية التي أصبحت تبرز وتأكل جوانب الـ (الجماعة) و وجدوا أنفسهم يتحملونها بكل ما تحمله من مشاكل وتعقيدات، اضافة إلى أنّه لم تكن لديهم فكرة واضحة مثلاً عن قضايا المجتمع ومشاكله، ومقدار أهمية كل شريحة من شرائحه المتعددة والمعقدة، لمختلف الأقليات القومية والدينية. إلا أن فات على الكثيرين أن أهم وأخطر نتيجة لحكم (الانقاذ) هو إنهاء الجيل الذي له اهتمام في السياسة وتطورها. إنّ جوهر الصراع القائم الأن بين أجنحة السلطة هو صراع (المنافع)، وفي حقيقة الأمر فإنّ موازين القوى وآلية عمل الدولة هي التي حكمت وقضت بذلك، إنّ توريث الفساد والإفساد ما كانت تتم إلا بمخالفة الدستور، وقد لعب العامل الطائفي (الحوش) دور بارز، بسبب من انتماء رموز هذه القوى.. حرب القبائل بدات داخل المؤتمر الوطني.. فأين (الصعاليك) إخوة السفاح اسحق فضل الله من لعبة أبناء القبائل؟!. عموماً، في ظروف الشلل السياسي الذي تعيشه البلاد، تحولت البلاد إلى بوق داعم للنظام، والجناح السياسي كان المهم بالنسبة إليهم الحفاظ على مناصبهم وبالتالي إضعاف الاتجاه السياسي لهذه القوى، مع أنّ الاتجاه السياسي لم يكن مهدد لسلطة الرئيس، ولا يوجد مبرر لإقصائهم، وهكذا فإنّ التغيير الأساسي الذي حصل هو تغيير الرجال، برجال أكثر قرباً من الرئيس؛ لأجل إعادة إنتاج النظام. خلاصة القول على الرغم من أنّ الغموض مازال يكتنف التعديلات الأخيرة، بل يمكن القول أنّ هذا الغموض جعل منها مادة تتقاذفها الأطراف المختلفة، تستخدمها في خدمة التآمر السياسية أو تلك... و وسط الدخان عادت المهام القذرة لـ (الجماعة). فقد تحولت الحكومة إلى مجرد (جمعية) تعمل وفق أجندة سياسية رسمت في مخابر الظل أو ما يعرف بالسلطة الموازية، فلم يعد الوزراء سوى أولئك الموظفين الذين يتسابقون لأجل كسب رضا الرئيس والذي يمر حتماً على رضا أطراف مختلفة بدء من المخابرات و وقوفاً على باب لوبي (النافع!). التعديل جعلنا نتأكد أكثر من أنّ هذا النظام لا يريد الخير للـ(بلاد)، فقد عاد (الذي لم يتعافي) أحد أبرز المفسدين على أراضي الخرطوم إلى الواجهة، ومن لا يعرف فعليه أن يسأل عن إمبراطورية العقودات بالعاصمة، وليسأل عن فيلات فاخرة تقدر بالملايين في قلب العاصمة السودانية، وانتفخت حقيبته بالرغم مما كانت عليه ولايته من البؤس والنهب والفساد المشوب بكل الفضائح، وللأسف لم يشمله التغيير بل التعديل بالرغم من الأسى الشعبي المتنامي يوميا على النظام برمته.