تأليف/رضا الهجرسى
عتق رقبة
.............
شعر برعدة شديدة فى جسده ..مع رغبة ملحة بالنوم ..
أولج المفتاح فى باب الغرفة التى سمحت له صديقة أمه أن يقطنها.. فترة أنتدابه للعمل بفرع الشركة بالأسكندرية ..والتى يطل بابها على
الشارع مباشرة فى أحدى المناطق النائية على أطراف المدينة ..
يومان أجازته التى قضاها فى سهر شبابى مجنون..
كان المطر ينهال مدرارا على رأسه التى يغطيها واقى الجاكت الجلدى والبرق ينير المكان بأضواءه الخاطفة والرعد يردعليه بزائيره المدوى
أختلس نظرة من تحت الواقى إلى السماء وهو يردد فى نفسه ..
- آها يا بلد النوات..أعشقك صيفا ..وأكرهك وأكره نواتك الشتوية..
أضاء الغرفة ..أسند ظهره على باب الغرفة وهو يقلب بصره فيها
غرفة ضيقة ذات حمام نونو كما كان يسميه لأمه ..
شعر ببرودة شديدة فأخذ يبحث عن الموقد اليدوى ليشعله ويتدفأ بناره .
مد يده بين السرير والأريكة لرفعه ووضعه فى منتصف الغرفة ..
أرتد مذعورا وهو يبسلم ويستعيذ بالله من الشيطان الرجيم ..
رفعت رأسها بصعوبة بالغة ..نظرت إليه بعينين تنسحب منهما الحياة
فى محاولات مستميتة حاولت الوقوف على قدميها..باءت كلها بالفشل
بدأ يتمالك نفسه ..وهو يتسائل فى حيرة ..كيف دخلت ..ومتى ..
أدار رأسه ونظر أسفل باب الغرفة..
لم يجد قطعة القماش التى يحشرها أسفله لمنع دخول أى حشرات ..
أرتجف قلبه مع أحساس قاتل بالذنب ..صارخا ..
- ياالله لقد عُلقت هذه الروح فى رقبتى ..
ترغرغت عيناه بالدموع وهاجت مشاعره ..
هرول مسرعا ورفعها بين يديه وهى تحرك رأسها وقدميها بصعوبة
بالغة ..شعر بجسدها المتخشب ..حاول أن يدفئها بفرك جسدها ..
لفها بغطاء خشن ..أشعل الموقد ووضعها بجانبه ..
لم يشعر بتغير ..
هنا قفز إلى ذهنه الطعام ..نعم الطعام ....
هرول إلى حقيبة سفره وأخرج ما أحضره معه من مخبوزات ولحم
حاول أن يطعمها .. تراجع فى يأس..بعد أن تذكر أن من فى عمرها
يشرب اللبن ..نعم اللبن ..
أخذ يفكر وهو فى حيرة من أمره ..كيف ينقذ هذه الروح التى عُلقت
برقبته ..وقد تجاوز الليل نصفه..والنوة على أشدها ..والمكان نائى
العجوز ..نعم العجوز التى تسكن قريبا ..صديقة صاحبة الغرفة ..
ذكرها بنفسه حتى أطمأنت له ..سمعت قصته ..أحضرت له كوبا من
اللبن وهى تلهج له بالدعاء ..أن يعتق الله رقبته من ذنب هذه الروح ..
عاد مسرعا وهو يضع كف يده على الكوب حتى لا يختلط بالماء ..
أولج المفتاح بالباب ودفعه بكتفه ممسكا بكلتا يديه كوب اللبن ..
شعر بها تندفع من بين قدميه تسبقه إلى الداخل ..
تغرز أسنانها فى رقبة وليدها وترفعه ..
تواجهه ..
تراجع بظهره للخلف..
مفسحا لها المجال لتخرج بوليدها ..
(النهاية)
(النهاية)