قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لولا ثلاث لأحببت أن أكون قد لقيت الله، لولا أن أسير في سبيل الله عز وجل .ولولا أن أضع جبهتي لله. أو أجالس أقواما ينتقون أطايب الحديث، كما ينتقون أطايب التمر.
جمع سيدنا عمر في هذه العبارات الأشياء التي تجعل الحياة محتملة أو قابلة للإحتمال و ذكر بعد الجهاد و الصلاة حسن الصحبة، حيث أن وجود أصدقاء يحسنون الحديث و ينتقونه يجعل من مجالستهم متعة من متع الحياة الدنيا ... و لكن من هم هؤلاء الذين تطيب الدنيا بهم ؟ ... إنهم الجلساء الذين يضيفون إليك عند منادمتهم، تزداد بهم علما و ثقافة و أدبا، لا تخالط مجالسهم النميمة و اللمز، يصغون حين ينبغي الإصغاء و حين يتحدثون ينثرون الكلام دررا تستلب العقول و تنداح في الأفئدة بردا و سلاما. ينتقون الكلام إنتقاء فيطربون السامع و تتداعى بهم الأفكار الخيرة، في مثل هذه المجالس لا تجد عشاق المراء و نافخي الكير، كلامهم صادق يخرج من قلوبهم فيدلف إلى قلب السامع، صادقي اللهجة و سليمي النفوس، تفارق مجلس الصحاب ذاك و أنت تمتليء بكل جميل، تحن إليهم و تهفو نفسك للقياهم مرات و مرات ..
فلنتخير من نجالس و من نناقش و من ننادم و لننتقي من نحاور، فالدنيا رحلة قصيرة لا ينبغي أن يضيع بعض منها بصحبة أرباع العقول و أنصاف الألسنة.