مديح الظل العالي : درويش
.بحرٌ لأيلولََ الجديدِ . خريفُنا يدنو من الأبوابِ ...
بحرٌ للنشيدِ المرِّ.
هيَّأنا لبيروتَ القصيدة َ كُلَّها .
بحرٌ لمنتصفِ النهار ِ.
بحرٌ لراياتِ الحمام ِ , لظلِّنا , لسلاحنا الفرديِّ
بحرٌ , للزمان ِ المستعار ِ
ليديكَ , كمْ من موجةٍ سرقتْ يديكَ
من الإشارةِ وانتظاري
ضَعْ شكلنا للبحر ِ. ضَعْ كيسَ العواصفِ عند أول صخرةٍ
واحملْ فراغكَ .. وانكساري
.. واستطاعَ القلبُ أن يرمي لنافذةٍ تحيتهُ الأخيرة َ ,
واستطاع القلبُ أن يعوي , وأن يَعِدَ البراري
بالبكاء الحُرِّ..
بَحرٌ جاهزٌ من أجلنا
دَعْ جسمك الدامي يُصَفِّق للخريفِ المُرِّ أجراساً.
ستتَّسعُ الصحاري
عمَّا قليلٍ , حين ينقضُّ الفضاء على خطاكَ ,
فرغتُ من شَغَفي ومن لهفي على الأحياء. أفرغتُ انفجاري
من ضحاياك, استندتُ على جدارٍ ساقطٍ في شارعٍ الزلزالِ,
أجمعُ صورتي من أجل موتكَ ,
خُذْ بقاياكَ , اتخذني ساعداً في حضرة الأطلالِ . خُذْ قاموسَ
ناري
وانتصرْ
في وردةٍ تُرمى عليكَ من الدموع ِ
ومن رغيفٍ يابسٍ , حافٍ , وعارِ
وانتصرْ في آخر التاريخ ِ ...
لا تاريخَ إلاّ ما يؤرِّخه رحيلُكَ في انهياري
قلنا لبيروت القصيدةَ كلها , قلنا لمنتصفِ النهارِ :
بيروت قلعتنا
بيروت دمعتنا
ومفتاحٌ لهذا البحر . كُنَّا نقطة التكوينِ ,
كنا وردةَ السور الطويل ِ وما تبقَّى من جدارِ
ماذا تبقَّى منكَ غيرُ قصيدةِ الروح ِ المحلِّق ِ في الدخان قيامةً
وقيامة ً بعد القيامةِ ؟ خُذْ نُثاري
وانتصرْ في ما يُمَزِّقُ قلبكَ العاري ,
ويجعلكَ انتشاراً للبذارِ
قوساً يَلُمُّ الأرضَ من أطرافها ..
جَرَساً لما ينساهُ سًكَّانُ القيامةِ من معانيكَ .
انتصرْ ,
إنَّ الصليب مجالُك الحيويُّ , مسراكَ الوحيدُ من الحصار إلى
الحصارِ .
بحرٌ لأيلولَ الجديدِ . وأنتَ إيقاعُ الحديدِ تَدُقُّني سُحُباً على الصحراء ِ,
فلتمطرْ
لأسحبَ هذهِ الأرضَ الصغيرة َ من إساري .
لا شيء يكسرنا ,
وتنكسر البلادُ على أصابعنا كفُخَّارٍ, وينكسرُ المسدَّسُ من
تلهُّفِكَ .
انتصرْ , هذا الصباحَ , ووحِّد الراياتِ والأممَ الحزينة َ والفصولَ
بكلِّ ما أُوتيتَ من شبق ِ الحياة ِ ,
بطلقةِ الطلقات ِ
باللاشيء
وحِّدنا بمعجزةٍ فلسطينيةٍ ...
بيروت قصَّتنا
بيروت غصَّتنا
وبيروت اختبارُ الله ِ .
يا الله
جرَّبناكَ جرَّبناكَ .
من أعطاك هذا اللُّغز؟ من سَمَّاكَ ؟
من أعلاك فوق جراحنا ليراكَ ؟
فاظهرْ مثل عنقاء الرماد من الدمارِ !
**************
نَمْ يا حبيبي , ساعةً
لنمُرَّ من أحلامك الأولى إلى عطش البحار إلى البحارِ .
نَمْ ساعة ً , نَمْ يا حبيبي ساعة ً
حتى تتوب المجدليَّة ُ مرة ً أخرى , ويتَّضحَ انتحاري
نَمْ , يا حبيبي , ساعة ً
حتى يعود الرومُ , حتى نطردَ الحرَّسَ عن أَسوار قلعتنا ,
وتنكسرَ الصواري .
نَمْ ساعة ً . نَمْ يا حبيبي
كي نصفِّق لاغتصاب نسائنا في شارع الشَّرف التِّجاري
نَمْ يا حبيبي ساعة ً , حتى نموتْ
هيَ ساعة ٌ للانهيارِ ,
هيَ ساعة ٌ لوضوحنا
هيَ ساعة ٌ لغموض ِ ميلادِ النهارِ
***************
أتموتُ في بيروت –لا تُولِمْ لبيروتَ الرغيفَ , عليكَ أَن تجد
انتظاري
في أناشيدِ التلاميذِ الصغارِ وفي فراري
من حديقتنا الصغيرةِ في اتجاه البحرِ –
لا تُولِمْ لبيروتَ النبيذ َ –عليك أن ترمي غباري
عن جبينكَ . أن تُدثِّرني بما ألِفَتْ يداك من الحجارةِ,
أن تموت كما يموتونَ ,
وأن تنامَ إلى الأبدْ
وإلى الأبدْ ...
لا شيء يطلع من مرايا البحر في هذا الحصار ,
عليك أن تجد الجسد في فكرة , وأن تجدَ البلد
في جثةٍ أخرى , وأن تجد انفجاري
في مكان الانفجار ....
أينما وَلَّيتَ وجهكَ ..
كل شيء قابل للانفجار .
************
الآن بحرْ ,
الآن بحرٌُ كله بحرٌ,
ومن لا برَّ لهْ
لا بحر لهْ
والبحرُ صورتُنا
فلا تذهبْ تماما
هي هجرة ٌ أخرى فلا تذهب تماما
في ما تفتَّحَ من ربيع الأرض, فيما فجَّرَ الطيرانُ فينا
من ينابيع ٍ. ولا تذهبْ تماما
في شظايانا لتبحث عن نبِّي فيكَ ناما
هي هجرة أخرى إلى ما لستُ أعرفُ ...
ألفُ سهم ٍ شد خاصرتي ليدفعني أماما .
لا شيء يكسرنا
ومن أَدمى جبين الله , يا ابن الله , سمَّاهُ , وأنزلهُ كتاباً أو غماما
************
كمْ كنتَ وحدك , يا ابن أُمِّي ,
يا ابنَ أكثرَ من أبٍ ,
كم كنتَ وحدكْ
القمحُ مرٌ في حقول ِ الآخرينْ
والماءُ مالحْ
والغيم فولاذ ٌ. وهذا النجمُ جارحْ
وعليك أن تحيا وأن تحيا
وأن تعطي مقابلَ حبةِ الزيتون جِلدَكْ .
كم كنت وحدكْ .
************
لا شيء يكسرنا , فلا تغرقْ تماما
في ما تبقى من دم ٍ فينا ..
لنذهبْ داخلَ الروح ِ المحاصر ِ بالتشابهِ واليتامى
يا ابنَ الهواءِ الصلبْ , يا ابن اللفظةِ الأولى على الجزر ِ القديمةِ ,
يا ابنَ سيدةِ البحيرات البعيدة , يا ابن من يحمي القدامى
من خطيئتهم , ويطبع فوقَ وجه الصَّخر برقاً أو حماما.
لحمي على الحيطانِ لحمكَ يا ابن أمي
جسدٌ لأضرابِ الظلالْ
وعليكَ أن تمشي بلا طُرُق ٍ
وراءً, أو أماما ,أو جنوباً ,أو شمالْ
وتُحرِّكَ الخطواتِ بالميزان ِ
حينَ يشاءُ مَنْ وهبوك قيدَكْ
ليزيِّنوكَ ويأخذوكَ إلى المعارض ِ كي يرى الزوارُ مجدكْ
كم كنت وحدك!
*********************
هي هجرةٌ أخرى ....
فلا تكتب وصيتكَ الأخيرة َ والسلاما .
سَقط َ السقوط ُ وأنت تعلو
فكرةً
ويداً
و..شاما!
لا بَرَّ إلا ساعداكْ
لا بحرَ إلاَّ الغامضُ الكحليُّ فيكْ
فتقمَّصِ الأشياءَ كي تتقمَّصَ الأشياءُ خطوتكَ الحراما
واسحبْ ظلالكَ عن بلاطِ الحاكم ِ العربي حتى لا يُعَلِّقَها
وساما
واكسرْ ظلالك كُلَّها كيلا يمدُّوها بساطاً أو ظلاما
***********
كسروكَ , كم كسروكَ كي يقفوا على ساقيك عرشا
وتقاسموك وأنكروك وخبَّأوك وأنشأوا ليديكَ جيشا
حطوكَ في حجر ٍ ... وقالوا: لا تُسَلِّم ْ
ورموك في بئر ٍ ... وقالوا : لا تُسَلِّم ْ
وأطلْتَ حربَكَ , يا ابن أمِّي ,
ألفَ عام ٍ ألفَ عام ٍ ألفَ عام ٍ في النهار ِ.
فأنكروكَ لأنهم لا يعرفون سوى الخطابة والفرار .
هم يسرقون الآن جلدكْ
فاحذرْ ملامحهم ...وغمدكْ
كم كنت وحدك , يا ابن أمِّي ,
يا ابن أكثر منْ أبٍ ,
كم كنت وحدكْ!...
************
والآن , والأشياء سَيِّدَة ُ , وهذا الصمتُ عال ٍ كالذبابه
هلْ ندركُ المجهول فينا ؟ هل نُغَنِّي مثلما كنا نُغَنِّي ؟
سقطتْ قلاعٌ قبلَ هذا اليوم ِ, لكن الهواء الآن حامضْ .
وحدي أدافعُ عن جدار ٍ ليس لي
وحدي أدافعُ عن هواء ٍ ليس لي
وحدي على سطح ِ المدينةِ واقف ٌ ....
أيُّوبُ ماتَ , وماتتِ العنقاءُ , وانصرفَ الصحابهْ
وحدي . أراود نفسيَ الثكلى فتأبى أن تساعدني على نفسي
ووحدي
كنتُ وحدي
عندما قاومت وحدي
وحدة َ الروح ِ الأخيرهْ ...
***********
لا تَذكُر ِ الموتى , فقد ماتوا فُرادى أو ....عواصمْ
سأراك في قلبي غداً , سأراك في قلبي
وأجهشُ يا ابن أمي باللغهْ
لغة ٍ تُفَتِّشُ عن بنيها , عن أراضيها وراويها
تموت ككلِّ من فيها , وتُرمى في المعاجمْ
هي آخر النخلِ الهزيل ِوساعة ُ الصحراءِ ,
آخرُ ما يَدُلُّ على البقايا
كانوا , ولكن كنتَ وحدك
كم كنتَ وحدكَ تنتمي لقصيدتي , وتمدُّ زندكْ ,
كي تُحوِّلها سَلالِمَ , أو بلاداً , أو خواتمْ
كم كنتَ وحدكَ , يا ابن أمي ,
يا ابن أكثرَ من أبٍ ,
كم كنتَ وحدكْ!...
*************
والآن , والأشياء سَيِّدَة ٌ , وهذا الصمت يأتينا سهاما
هل ندركُ المجهولَ فينا . هل نغني مثلما كنا نغني ؟
آه يا دمنا الفضيحة , هل ستأتيهم غماما ,
هذه أمم تَمرُّ و تطبخ الأزهار في دمنا
وتزدادُ انقساما .
هذه أممٌ تفتشُ عن إجازتها من الجَمَل ِ المزخرفِ .....
هذه الصحراءُ تكبر حولنا
صحراءُ من كل الجهاتِ
صحراءُ تأتينا لتلتهم القصيدة َ والحساما
اللهُ أكبرْ
هذه آياتنا فاقرأْ:
باسم الفدائيِّ الذي خَلََقَا
من جزمةٍ أفقا
باسم الفدائيِّ الذي يرحلْ
من وقتِكم ....لندائِهِ الأولْ
الأول ِ الأولْ
سَنُدَّمِرُ الهيكلْ .
باسم الفدائي الذي يبدأْ
إقرأ
بيروتُ- صُورتُنا
بيروتُ - سورتُنا
***************
بيروت – لا
ظهري امام البحر ِ أسوارٌ و...لا
قد أخسرُ الدنيا .. نَعَمْ !
قد أخسرُ الكلمات ِ...
لكني أقول الآن : لا .
هي آخر الطلقاتِ –لا.
هي ما تبقَّى من هواء الأرض َ – لا.
هي ما تبقَّى من نشيج ِ الروح ِ-لا.
بيروتُ – لا
****************
نامي قليلاً , يا ابنتي , نامي قليلا
الطائراتُ تعضُّني .وتعضُّ ما في القلب من عَسَل ٍ
فنامي في طريق النحل , نامي
قبل أن أصحو قتيلاً .
الطائراتُ تطير من غُرَفٍ مجاورة ٍ إلى الحَمَّام ِ , فاضطجعي
على درجاتِ هذا السُّلّم الحجريِّ , وانتبهي إذا اقتربتْ
شظاياها كثيراً منكِ وارتجفي قليلاً .
نامي قليلاً.
كُنَّا نُحبُّك , يا ابنتي ,
كنا نَعُدُّ على أصابع كفَّك اليسرى مسيرتَنا
ونُنْقِصُها رحيلا .
نامي قليلا.
الطائراتُ تطيرُ , والأشجارُ تهوي ,
والمباني تخبز السُكَّانَ , فاختبئي بأغنيتي الأخيرةِ , أو بطلقتيّ
الأخيرةِ , يا ابنتي
وتوسّديني كنتُ فحماً أم نخيلا .
نامي قليلا.
وتَفَقَّدي أزهارَ جسمكِ ,
هل أصيبتْ ؟
واتركي كفِّي , وكأسَيْ شاينا , ودعي الغَسيلا .
نا مي قليلا.
لو أستطيع أعدتُ ترتيبَ الطبيعةِ :
ههنا صفصافة ٌ ...وهناك قلبي
ههنا قمرُ الترددِ
ههنا عصفورةٌ للانتباه
هناكَ نافذة ٌُ تعلِّمكَ الهديلَ
وشارع ٌ يرجوكِ , أن تبقي قليلا
نامي قليلا.
كُنَّا نُحبكِ , يا ابنتي ,
والآن , نعبدُ صمتَك العالي
ونرفعهُ كنائس من بَتُولا .
هل كنتِ غاضبة ً علينا , دون أن ندري ...وندري
آهِ مِنَّا ....آه ماذا لو خَمَشْنا صُرَّة َ الأفق ِ .
قد يَخْمِشُ الغرقى يداً تمتدُّ
كي تحمي من الغرق ِ .
**************
بيروت – لا
ظهري أمام البحر أسوار ٌ و....لا
قد أخسر الدنيا , نعمْ ,
قد أخسر الكلماتِ والذكرى
ولكني أقول الآن : لا .
هي آخر الطلقاتِ –لا .
هي ما تبقَّى من هواء الأرض –لا .
هي ما تبقَّى من حطام ِ الروح ِ – لا
بيروت – لا
*************
أشلاؤنا أسماؤنا . لا ...لا مَفَرُّ .
سقط َ القناعُ عن القناع ِ عن القناع ِ ,
سقط َ القناعُ
لا إخوة ٌ لك يا أخي , لا أصدقاءُ
يا صديقي , لا قلاع ُ
لا الماءُ عندكَ , لا الدواءُ ولا السماءُ و لا الدماءُ ولا الشراع ُ
ولا الأمامُ ولا الوراءُ
حاصِرْ حصَارَكَ ... لا مفرُّ
سقطتْ ذراعكَ فالتقطها
واضرب عَدُوَّكَ ...لا مفرُّ .
وسقطتُ قربك , فا لتقطني
واضرب عدوكَ بي ...فأنت الآنَ حُرٌّ
حُرٌ
وحُرُّ....
قتلاكَ ,أو جرحاك فيك ذخيرة ٌ
فاضربْ بها إضرب عدوَّكَ....لا مَفَرُّ .
أشلاؤنا أسماؤنا
حاصرْ حصارَك بالجنون ِ
وبالجنون ِ
وبالجنون ْ
ذهبَ الذين تحبُّهم , ذهبوا
فإمًَّا أن تكونْ
أو لا تكونْ ,
سقط القناعُ عن القناع ِ عن القناع ِ ,
سقط َ القناع ُ
ولا أحدْ
إلاَّك في هذا المدى المفتوح للأعداء والنسيان ,
فاجعل كلَّ متراس ٍ بَلَدْ
لا...لاأحَدْ
سقط القناعُ
عَرَبٌ أطاعوا رُومَهم
عَرَبٌ وباعوا رُوْحَهُم
عَرَبٌ ...وضاعوا
سقط َ القناعُ
واللهُ غَمَّسَ باسمك البحريِّ أسبوعَ الولادةِ واستراحَ إلى الأبَدْ
كُنْ أنتَ .كُنْ حتى تكونْ !
لا...لا أحَدْ
يا خالقي في هذه الساعاتِ من عَدَم ٍ تَجَلَّ !
لعلَّ لي حُلُماً لأعبدَهُ
لعلَّ !
علمتني الأسماءَ
لولا
هذه الدولُ اللقيطة ُ لم تكنْ بيروت رملا
بيروت - كلا
****************
بيروت - صورتُنا
بيروت- سورتُنا
فإمَّا أن نكونْ
أو لا تكونْ ........
***************
أنا لا أحبُّكِ ,
كم أحبُّكِ !
غيمتان ِ أنا وأنتِ , وحارسان يُتَوِّجان الانتباهَ بصرخةٍ ,
ويُمَدِّدان الليلَ حتى آخر الليل ِ الأخير . أقول حين أقولُ
بيروتُ المدينة ُ ليست امرأتي
وبيروتُ المكانُ مُسدَّسي الباقي
وبيروتُ الزمانُ هُوِيَّة ُ((الآن ِ)) المضَّرج ِ بالدخان ِ.
أنا لا أحبكِ ,
كم أحبك ِ!
غمسي باسمي زهورَك وانثريها فوق من يمشي على جُثثي
ليتسع السَّرايْ
لا تسحبيني من بقاياكِ , اسحبيني من يديَّ ومن هوايْ
و لا تلوميني , ولومي منْ رآني سائرا كالعنكبوتِ على خطايْ
هل كانَ من حقِّي النزولُ من البنفسج ِ والتوهج ُ في دمايْ ؟
هل كان من حَقِّي عليكِ الموتُ فيكِ
لكي تصيري مريماً
وأصيرَ ناي ؟
هل كان من حَقِّي الدفاعُ عن الأغاني
وهي تلجأُ من زنازين الشعوب إلى خُطاي ؟
هل كان لي أن أطمئنّ إلى رؤاي؟
وأن أصدِّق أن لي قمراً تُكَوِّرُهُ يداي ؟
صَدَّقْتُ ما صَدَّقْتُ , لكني سأمشي في خُطاي.
أنا لا أحبِّكِ
كم أحبكِ, كم أحبكِ , كمْ سنهْ
أعطيتني وأخذتِ عمري . كم سنهْ
وأنا أسمِّيكِ الوداعَ , ولا أودعُ غيرَ نفسي . كم سنهْ
وَعَدُوكِ بالآتي وحين أتاكِ واتاكِ الحنينُ إلى السفينةِ . كم سنهْ
لم تذكري قرطاج َ؟
هل كنا هواءً مالحاً كي تفتحي رئتيكِ للماضي ,
وتبني هيكلَ القدس ِ القديمةِ . كم سنهْ
وَعَدُوكِ باللغةِ الجديدةِ واستعادوا الميتينَ مع الجريمة ِ.
هل أنا ألِفٌ, وباءٌ , للكتابةِ أمْ لتفجير الهياكل ِ ؟
كم سنهْ
كنا معاً طوقَ النجاةِ لقارَّةٍ محمولةٍ فوقَ السرابِ ,
ودفتر الإعراب ؟
كمْ عَرَبٌ أتَوْكِ ليصبحوا غَرْبا
وكمْ غَرْبٌ أتاكِ ليدخلَ الإسلامَ منْ بابِ الصلاةِ على النبي
وسُنَّةِ النفط ِ المُقَدَّس ِ ؟ كم سنهْ
وأنا أصدِّقُ أن لي أُمماً ستتبعني
وأنكِ تكذبين على الطبيعة والمسدَّس , كم سنهْ , !
بيروتُ – منتصف اللغهْ
بيروتُ –ومضة ُ شهوتينْ
بيروتُ –ما قالَ الفتى لفتاتِهِ
والبحرُ يسمعُ , أو يوزِّعُ صوتَهُ بينَ اليدينْ .
أنا لا أحبكِ
غمِّسي بدمي زهورَكِ وانثريها
حول طائرةٍ تطاردُ عاشقينْ
والبحرُ يسمعُ , أو يوزِّعُ صوتَهُ بين اليدينْ .
وأنا أحبكِ
غمِّسي بدمي زهورَكِ وانثريها
حول طائرةٍ تطاردني وتسمع ما يقول البحرُ لي
بيروت لا تعطي لتأخذ َ
أنتِ بيروتُ التي تعطي لتعطي ثم تسأم من ذراعيها ,
ومن شَبَق ِ المُحِبْ
فبأيِّ إمرأةٍ سأومنْ
وبأيِّ شُبَّاك سأومنْ
من تُزَوِّجني ضفائرَها لأشنق رغبتي
وأموت كالأمم القديمة . كم سنهْ
أغريتني بالمشي نحو بلاديَ الأولى
وبالطيران تحت سمائيَ الأولى
وباسمك كنتُ أرفعُ خيمتي للهاربين من التجارة والدعارة
و الحضارة. كم سنهْ
كنا نَرُشُّ على ضحايانا كلام البرق ِ :
بعد هُنَيْهَةٍ سنكون ما كنا وما سنكونُ
إمَّا أن نكون نهارك العالي
وإما أن نعود إلى البحيرات القديمة . كم سنهْ
لم تسمعني جَيِّداً . لم تردعيني جيداً . لم تحرميني من فواكهكِ
الجميلةِ . لم تقولي : حين يبتسم المخيَّمُ تعبس المدن الكبيرة.
كم سنهْ
قلنا معاً : أنا لا أشاءُ, ولا تشائين . اتفقنا .كُلُّنا في البحر
ماءٌ . كم سنهْ
كانت تُنَظِّمنا يَدُ الفوضى :
تعبنا من نظام ِ الغاز ِ,
من مطر ِ الأنابيبِ الرتيبِ ,
ومن صعود الكهرباءِ إلى الغُرَفْ ...
حريتي فوضاي . إني أعترفْ
وسأعترفْ
بجميع أخطائي , وما اقترفَ الفؤادُ منَ الأماني
ليس من حَقِّ العصافير الغناءُ على سرير ِ النائمين ,
والإيديولوجيا مهنة البوليس في الدول القويةِ :
من نظام الرقِّ في روما
إلى مَنْع ِ الكحول ِ وآفةِ الأحزاب في المُدُن ِ الحديثةِ .
كم سنهْ
نحن البداية ُ و البداية ُ و البداية ُ . كم سنهْ
وأنا التَوَازُنُ بين ما يجبُ ؟
كُنَّا هناكَ . ومن هنا ستهاجر العَرَبُ
لعقيدة ٍ أخرى .وتغتربُ
قصبٌ هياكلنا
وعروشنا قصبُ
في كُلِّ مئذنةٍ
حاو ٍ, ومغتصبُ
يدعو لأندلس ٍ
إنْ حُوصرتْ حَلَبُ .
وأنا التوازُنُ بينَ مَنْ جاءوا ومن ذهبوا
وأنا التوازُنُ بينَ مَنْ سَلَبُوا ومن سُلِبوا
وأنا التوازُنُ بينَ منْ صَمَدُوا وَمَنْ هربوا
وأنا التوازُنُ بين ما يَجِبُ :
يجبُ الذهابُ إلى اليسارْ
يجبُ التوغُّلُ في اليمينْ
يجبُ التمترسُ في الوسط ْ
يجبُ الدفاعُ عن الغلط ْ
يجبُ التشككُ بالمسارْ
يجبُ الخروجُ من اليقينْ
يجبُ الذي يجبُ
يجبُ انهيارُ الأنظمهْ
يجبُ انتظار المحكمهْ
....وأنا أحبكِ , سوفَ أحتاجُ الحقيقة َ عندما أحتاجُ تصليحَ
الخرائط ِ و الخطط ْ
أحتاجُ ما يجبُ
يجبُ الذي يجبُ
أدعوا لأندلس ٍ
إنْ حوصرتْ حلبُ .
. ************************
بيروت \ فجراً :
يُطلقُ البحرُ الرصاصَ على النوافذ . يفتح العصفورُ أغنية ً
مبكرة ً . يُطيِّرُ جارَنا رفَّ الحمام إلى الدخان . يموتُ مَنْ لا
يستطيع الركض في الطرقات : قلبي قطعة من برتقال
يابس ٍ . أهدي إلى جاري الجريدة َ كي يفتِّّّشَ عن أقاربهِ .
أعزَّيه غداً . أمشي لأبحث عن كنوز الماء في قبو البنايةِ .
أشتهي جسدا ً يضيء البارَ والغاباتِ . يا ((جيم)) اقتليني
واقتليني واقتليني !
يدخلُ الطيرانُ أفكاري ويقصفها ....
فيقتلُ تسعَ عشرة َ طفلة ً .
يتوقف العصفور عن إنشاده ...
عاديَّة ُ ساعاتنا – عاديَّة ,
لولا صهيلُ الجنس ِ في ساقيك يا ((جيم )) الجنونْ .
والموتُ يأتينا بكل سلاحه الجويِّ والبريِّ والبحريِّ .
ألفُ قذيفة ٍ أخرى ولا يتقدم الأعداء شبرا ً واحدا ً.
((جيم)) اجمعيني مرة ً ,
ما زلتُ حيا ً_ ألفُ شكر ٍ للمصادفةِ السعيدة .
يبذل الرؤساء جهدا ً عند أمريكا لتُفْرِجَ عنْ مياهِ الشربِ .
كيف سنغسل الموتى ؟
ويسأل صاحبي : وإذا استجابت للضغوط فهل سيسفر موتنا
عن :
دولة ٍ ...
أم خيمة ٍ ؟
قلتُ : انتظرْ ! لا فرقَ بينَ الرايتينْ
قلتُ : انتظرْ حتى تصب الطائراتُ جحيمها !
يا فجرَ بيروتَ الطويلا
عَجِّلْ قليلا
عَجِّلْ لأعرفَ جيِّدا ً :
إنْ كنتُ حيا ً أم قتيلا .
**************
بيروت \ ظهراً :
يستمرُّ الفجرُ منذ الفجر ِ .
تنكسرُ السماءُ على رغيف الخبز ِ .
يَنكسرُ الهواءُ على رؤوس ِ الناس ِ منْ عبءِ الدخان ِ ولا جديدَ
لدى العروبةِ :
بعدَ شهر ٍ يلتقي كُلُّ الملوك ِ بكلِّ أنواع ِ الملوكِ , من العقيدِ
إلى العميد , ليبحثوا خطر اليهود على وجودِ الله . أمَّا
الآن فالأحوال هادئة تماما ً مثلما كانت . وإن الموتَ يأتينا بكل
سلاحه الجويِّ والبريِّ والبحريِّ .مليون انفجار في المدينة .
هيروشيما هيروشيما
وحدنا نُصغي إلى رعد الحجارة , هيروشيما
وحدنا نُصغي لما في الروح ِ من عبث ٍ ومن جدوى
وأمريكا على الأسوار ِ تهدي كل طفلٍ لعبة ً للموتِ عنقودية ً
يا هيروشيما العاشق ِ العربيِّ أمريكا هي الطاعون , والطاعونُ
أمريكا
نعسنا . أيقظتنا الطائرات وصوتُ أمريكا
وأمريكا لأمريكا
وهذا الأفق اسمنت ٌ لوحشِ الجوِّ .
نفتحُ علبة َ السردين, تقصفها المدافعُ
نحتمي بستارةِ الشباك , تهتز البناية . تقفزُ الأبوابُ . أمريكا
وراء الباب أمريكا
ونمشي في الشوارع ِ باحثين عن السلامة ,
من سيدفننا إذا متنا ؟
عرايا نحن , لا أفق ٌ يغطينا ولا قبر ٌ يوارينا
ويا....يا يومَ بيروتَ المكسَّرَ في الظهيرهْ
عَجِّلْ قليلا
عَجِّلْ لنعرفَ أين صَرْخَتُنا الأخيره ْ.
**************
بيروت / عصرا ً :
تكثر الحشراتُ .
تزدادُ الرطوبة ُ .
ترتخي العضلاتُ
نشعر أن للأرض احتقانا ً في مفاصلنا ,
فنصرخ : أيها البطل انكسِرْ فينا !
**************
مساء/ فوق بيروت :
الرخامُ
ينزُّ دما ً, ويذبحني الحمامُ
إلى مَنْ أرفعُ الكلماتِ سقفا ً
وهذي الأرضُ يحملُها الغمامُ ؟
ويرحلُ , حين يرحلُ , نحو تيهي
أحدِّقُ في المسدَّس ِ, وهو ملقى ً
على طَرَفِ السرير, وأشتهيهِ
وينقذني , وينقذني الكلامُ .
ظلامٌ كُلُّ ما حولي ... ظلام ُ.
****************
بيروت / ليلا :
لا ظلامَ أشدَّ من هذا الظلام ِ
يُضيئني قَتْلي .
أمنْ حََجَر ٍ يقُدُّون النعاسَ ؟
أمنْ مزامير ٍ يصكُّون السلاحَ ؟
ضحيَّة ٌ
قَتَلتْ
ضحيَّتها
وكانت لي هويَّتُها ,
أنادي أشعيا : أخرج من الكتب القديمة مثلما خرجوا , أزقَّةُ
أورشليم تُعَلِّقُ اللحمَ الفلسطينيَّ فوق مطالع العهد القديم ,
وتدَّعي أن الضحية َ لم تُغَيِّر جلدها .
يا أشعيا ..لا تَرِثْ
بل أهجُ المدينة َ كي أحبكَ مَرَّتين
وأعلنَ التقوى
وأغفر لليهوديِّ الصبيِّ بكاءه...
اختلطتْ شخوصُ المسرح الدمويّ :
لا قاض ٍ سوى القتلى
وكفُّ القاتل امتزجَتْ بأقوال الشهودِ ,
وأدخل القتلى إلى ملكوت قاتلهم
وتمَّتْ رشوة ُ القاضي فأعطى وجهه للقاتل الباكي على شيء
يُحَيِّرُنا ...
سَرَقْتَ دموعنا يا ذئب
تقتلني وتدخل جُثَّتي وتبيعها !
أخرجْ قليلا ً من دمي حتى يراك الليلُ أكثَر حُلْكَة ً !
وأخرجْ لكي نمشي لمائدة التفاوض , واضحينْ ,
كما الحقيقةُ :
قاتلا ً يدلي بسكِّين ٍ .
وقتلى
يدلون بالأسماء :
صبرا ,
كفر قاسم ,
دير ياسين ,
شاتيلا!
***************
بيروت \ ليلا :
لا تنامي كلَّ هذا الليل ِ
لا تتحدَّثي عما يدور وراء هذا البابِ
لا ترمي ثيابك
لا تُعَرِّيني تماما ً
لا تقولي الحبَّ
لا تعطي سوى فخذيكِ
لا تتأوهي فالحرب تسمع زهرة الجسديْن ِ .
أني أرتديك على الشظية قربَ باب البيت ,
نبقى واقفين ,وواقفين إلى النهايةِ .
واصلي سرقات هذا الشهْد ,
زُجِّيني بشهوتك السريعة قبلما يأتي إلينا موتُنا الخلفيُّ ,
أني أوثِرُ الموتَ الذي يأتي إلى كتفيَّ ... نحلا !
**************
بيروت / ليلا :
مثل باذنجانةٍ .......
قمر ٌ غبي ٌ مَرَّ فوق الحرب ِ
لم يركبْ له الأطفالُ خيلا .
************
بيروت / ليلا :
أُمْسِك الآنَ الهواء الأسودَ الصخريَّ ,
أكسره بأسناني , أعضُ عليهِ . أدميهِ . وأركلُهُ
أكاد أُجَنُّ مما يجعلُ الساعات ......رملا .
************
بيروت / ليلا :
قالت امرأة ٌ لجنديٍّ قبيح ِ الوجهِ :
خذني للرُّكام ِ وفُضَّني
لأصيرَ .....أحلى .
***********
بيروت / ليلا :
لم أجد فيك الخليَّة َ والجزيرة َ.
أين ماتَ الشعر !
أين استسلمت للزوج ِ ليلى ؟
***********
بيروت / ليلا :
يقصفون مقابر الشهداء , يدثِّرون بالفولاذ ,يضطجعون معْ
فتياتهم , يتزوجون , يطلِّقون ,يسافرون , ويولدون,
ويعملون ويقطعون العمر في دبَّابة ٍ....
أهلا ً وسهلا !
***********
بيروت / ليلا :
يخرج الشهداء من أشجارهم , يتفقَّدون صغارهم , يتجولون
على السواحل ,
يرصدون الحلم والرؤيا ,يُغطُّون السماء بفائض الألوان ,
يفترشون موقعهم ,
يُسمُّون الجزيرة ,يغسلون الماء ,ثم يطرِّزون حصارنا
قططا ً........ونخلا .
***********
بيروت / ليلا :
وحدنا ,واللهُ فينا وحدنا
الله فينا قد تجلَّى !
************
بيروت / ليلا :
يمدح الشعراء قَتْلي في مجالسهم ,
ويرتعدون مني حين أطلع بينهم صوتا ً وظِلا ّ .
***************
بيروت / ليلا :
آه , يا أفقا ً تبدَّى
من حذاء ِ مقاتل ٍ
لا تنغلقْ
لا تنغلقْ أبدا ً
لئلاّ .......
**************
بيروت / ظهرا ً :
اليوم يَنْشَقُّ الحصانْ .
اليوم ينشقُّ الحصانُ إلى نهارين ِ,
المدينة ُ و القصيدة ُ تخرجان
من خصر أجملنا , سميرْ درويش ْ,
ليحتفل المكانْ
بنا ...وينسبنا إلى أحَد ٍ
ليعطي العائلهْ
شجرا ً وأسماء ً.......
أتعرفُ مَنْ أنا حتى تموت نيابة ً عنِّي ؟
ستمضي القافِلَهْ
جازاكَ ربُّكَ ...سوف تمضي القافلهْ
لا , ليس شعرا ً أن ترى قمرا ً يُنَقِّط ُخارطه
لا ,ليس شعرا ً أن ترتِّب ذكرياتي الساقطَهْ
فانهض على فرسِ الدخانْ
وارحلْ معي , من أجل ِ أمِّكْ ...
**************
بيروت / عصرا ً:
زمن ٌ مضى
لكنه لا ينتهي
***********
بيروت / فجرا ً:
الشاعرُ اُفتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما
وثلاثة ٌ خانوهُ :
تموز ٌ
وإمرأة ٌ
وإيقاع ٌ
فنامَا ....
لا يستطيع الصوتُ أن يعلو على الغارات في هذا المدى
لكنهُ يُصغي لموجتِهِ الخصوصيَّهْ :
موت ٌ وحريَّهْ
يصغي لموجتهِ ويفتحُ وقتهُ لجنونِهِ
من حقِّهِ أن يُجلس السأمَ الملازمَ فوق مائدة ٍ
ويشرب قهوة ً مَعَهُ
إذا ابتعد الندامى .
الشاعرُ افْتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما
بيروتُ تخرجُ من قصيدتِهِ
وتدخل خوذةَ المُحتلِّ ,
مَنْ يُعطيه دهشتَه
ومنْ يرمي على يَدِهِ
أرُزَّاًً أو ....سلاما .
الشاعرُ اْفتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما .
في بيته بارودة ٌ للصَّيْدِ,
في أضلاعه طير ٌ
وفي الأشجار ِ عُقم ٌ مالحٌ .
لم يشهدِ الفصلَ الأخيرَ منَ المدينةِ .
كُلُّ شيء واضح ٌ منذ البدايةِ ,
واضح ٌ
أو واضح ٌ
أو واضح ٌ
وخليلُ حاويْ لايريد الموتَ , رُغْمَا ً عنهُ
يُصغي لموجَتهِ الخصوصيَّهْ
موت ٌ وحريهْ
هو لايريد الموتَ رُغما ً عنهُ
فليفتحْ قصيدتَهُ
ويذهبْ ...
قبل أن يُغريه تموز ٌ,وإمرأة ٌ,وإيقاع ٌ
....وناما
الشاعرُ افْتُضِحَتْ قصيدتُهُ تماما.
****************
بيروت / فجرا ً
بيروت /ظهرا ً
بيروت /ليلا ً :
يخرج الفاشيُّ من جسدِ الضحيَّهِ
يرتدي فصلا ً من البارود : أُقْتُلْ – كي تكون
عشرين قرنا ً كان ينتظرُ الجنونْ
عشرين قرنا ً كان سفّاحا ً مُعَمَّمْ
عشرين قرنا ً كان يبكي ....كان يبكي
كان يخفي سيفَهُ في دمعَتِهْ
أو كان يحشو بالدموع البندقيَّهْ
عشرين قرنا ًكان ينتظر الفلسطينيَّ في طرف المخيَّمْ
عشرين قرنا ً كان يعلَمْ
أن البكاءَ سلاحُهُ
****************
صبرا – فتاة ٌ نائمهْ
رحلَ الرجالُ إلى الرحيل ْ
والحرب نامت ليلتين صغيرتين ,
و قدَّمَتْ بيروتُ طاعتَها وصارتْ عاصمَهْ .......
ليل ٌ طويل ٌ
يرصدُ الأحلامَ في صبرا ,
وصبرا – نائمهْ.
صبرا – بقايا الكفِّ في جسد ٍ قتيل ٍ
ودَّعَتْ فرسانها و زمانها
واستسلمتْ للنوم ِ من تعب ٍ, ومن عرب ٍ رَمَوْها خلفهم .
صبرا – وما ينسى الجنودُ الراحلون من الجليل ِ
لا تشتري و تبيعُ إلاَّ صمتها
من أجل وردة ٍ للضَّفيرهْ
صبرا – تغني نصفَها المفقودَ بين البحر ِ والحرب ِ الأخيرهْ :
لمَ ترحلونْ
وتتركون نساءَكم في بطن ِ ليل ٍ من حديدِ ؟
لمَ ترحلونْ
و تعلَّقون مَسَاءَكُمْ
فوق المخيَّم والنشيدِ ؟
صبرا – تُغَطِّي صدرها العاري بأغنية الوداعْ
وتَعُدُّ كفَّيها و تخطيءُ
حين لا تجد الذراعْ :
كم مرة ً ستُسافرونْ
و إلى متى ستُسافرونْ
ولأي حُلم ْ ؟
وإذا رجعتم ذات يومْ
فلأي منفى ترجعونَ ,
لأي منفى ترجعونْ ؟
صبرا – تُمَزِّق صدرها المكشوفَ :
كم مَرَّهْ
تتفتَّحُ الزهرهْ
كم مَرَّة ً
ستُسافر الثورهْ ؟
صبرا – تخافُ الليل . تسندهُ لرُكْبتها
تغطيهِ بكحل ِ عيونها . تبكي لتُلْهيهِ :
رحلوا وما قالوا
شيئأ عن العودهْ
ذبلوا وما مالوا
عن جمرة الوردهْ !
عادوا وما عادوا
لبداية الرحلهْ
والعمرُ أولادُ
هربوا من القُبْلَهْ.
لا, ليس لي منفى
لأقول : لي وطنُ
الله , يا زمنُ ...؟
صبرا – تنامُ . وخنجرُ الفاشيِّ يصحو
صبرا تنادي ...مَنْ تنادي
كُلُّ هذا الليل ِ لي , والليلُ ملحُ
يقطع الفاشيُّ ثدييها – يقلُّ الليلُ –
يرقص حول خنجرهِ ويلْعَقُهُ . يغني لانتصار الأرْز ِ موالا ً,
ويمحو
في هدوء ٍ ....في هدوء ٍ لحمَها عن عَظْمِها
ويمدِّدُ الأعضاءَ فوق الطاولَهْ
ويواصل الفاشيُّ رقصَتَهُ ويضحك للعيون المائلهْ
ويُجَنُّ من فرح ٍ وصبرا لم تعد جسدا ً :
يُرَكِّبها كما شاءتْ غرائزهُ , وتصنعها مشيئتهُ .
ويسرق خاتما ً من لحمها , ويعودُ من دمها إلى مرآتِهِ
ويكون – بحرُ
ويكون – بر ُّ
ويكون – غيم ُ
ويكون – دَمْ
ويكون – ليلُ
ويكون – قتلُ
ويكون – سبتُ
وتكون – صبرا .
صبرا – تقاطُعُ شارعين ِ على جَسَدْ
صبرا – نزولُ الروح ِ في حَجَر ٍ
وصبرا – لاأحدْ
صبرا – هوية عصرنا حتى الأبدْ ...
*************
بيروت/ أمس / الآن / بعد غد ٍ :
نشيد ٌ للخريفِ
صَُوَرٌ لما بعد النهارْ
وظلال إمرأة ٍ غريبهْ .
وطني حقيبهْ
وحقيبتي وطني
ولكن ...........لا رصيفَ ,
ولا جدارْ .
لا أرضَ تحتي كي أموتَ كما أشاءُ ,
ولا سماءْ
حولي
لأثقبَها وأدخلَ في خيام الأنبياءْ .
ظهري إلى الحائطْ
الحائط ِ/ الساقطْ !
وطني حقيبه ْ
وحقيبتي وطنُ الغَجَرْ
شعب ٌ يُخَيِّمُ في الأغاني والدخانْ
شعبٌ يفتِّشُ عن مكانْ
بين الشظايا و المطرْ .
وجهي على الزهرهْ
الزهرة / الجمرهْ
وطني حقيبهْ
في الليل أفرشها سريرا
وأنامُ فيها ,
أخدعُ الفتياتِ فيها
أدفن الأحباب فيها
أرتضيها لي مصيرا
وأموتُ فيها .
كَفِّي على النجمهْ
النجمة / الخيمهْ
وطني حقيبهْ
من جلدِ أحبابي
و أندلسَ القريبهْ
وطني على كتفي
بقايا الأرض ِ في جسدِ العروبَهْ .
قلبي على الصخره ْ
الصخرةِ / الحرهْ
****************
يا أهلَ لبنانَ ....الوداعا
شكرا ً لكُلِّ شجيرة ٍ حملت دمي
لتضيءَ للفقراءِ عيدَ الخبز ِ ,
أو لتضيءَ للمحتلِّ وجهي كي يرى وجهي
و يرتديَ الخداعا .
شكرا ً لكلِّ سحابة ٍ غَطَّتْ يديَّ
وَبَلَّلَتْ شفتيَّ
حتى أعطت الأعداء بابا ً ...أو قناعا .
شكرا ً لكلِّ مسدَّس ٍ غطَّى رحيلي
بالأرُزِّ وبالزهور ,
وكان يبكي أو يزغرد ما استطاعا .
يا دمعة ً هي ما تبقّى من بلاد ٍ
أسندُ الذكرى عليها .......والشُّعاعا .
يا أهلَ لبنانَ الوداعا !
اليوم أكملتُ الرسالةَ فانشروني , إن أردتم , في القبائل ِ توبة ً
أو ذكرياتٍ
أو شراعا .
اليوم أكملتُ الرسالة َ فيكُمُ
فلتطفئوا لهبي ,إذا شئتم , عن الدنيا ,
وإنْ شئتمْ فزيدوهُ اندلاعا
أنا لي , كما شاءتْ خطاي
حملتُ روحي فوق أيديكم فراشات ٍ ,
وجسمي نرجسا ً فيكمْ ,
وموتايَ اندفاعا
يا أهلَ لبنانَ ...الوداعا .
هذا دمي , يا أهل لبنان ,ارسموهْ
قمرا ً على ليل ِ العربْ .
هذا دمي – دمُكم خذوه ووزّعوهْ
شجرا ً على رمل العربْ .
هذا رحيلي عن نوافذكم وعن قلبي انحتوهْ
حجرا ً على قبر ِ العربْ
هذا بكاء رصاصنا , هذا يتيم زواجنا , فلترفعوهْ
سهرا ً على عُرس العربْ .
هذا نشيجي . مزقوه وبعثروه
مطرا ً على أرض العرب .
هذا خروج أصابعي من كفِّكمْ
هذا فطام قصيدتي , فلتكتبوه ْ
وترا ً على طربِ العربْ .
هذا غبار طريقنا , فلترفعوهْ
لهمو حصونا ً , أو قلاعاً
يا أهلَ لبنانَ الوداعا
سيجيئكم مَطَر ٌ
ويغسلُ ماتركتُ على شوارعكم من الكلماتِ ,
يطردُ ما تركتُ على نوافذكم من الشهواتِ .
يمحو ما لمستُ من الصَّنوبر ِ في جبالِكُمُ
وينسيكمْ فتى ً كسرَ الهواءَ على موائدكم قليلا .
وأضاع يديهِ في أيديكمُ سنة ً , وضاعا .
يا أهلَ لبنانَ ....الوداعا .
حدَّقتُ في كَفِّي
لأبصرَ ما وراء البحر ِ –
تلكَ وسيلتي لتَبَصُّر الأشياءِ –
بحر ٌ, ثم بحر ٌ ,ثم بحر ٌ
منْ رآني
عَدَّ أكفاني
وغطى جرحكم كي يشتري جبلا ً
ويبتاعَ الصراعا .
يا أهلَ لبنانَ ....الوداعا .
لا جوعَ في روحي , .
أكلتُ من الرغيف الفذ ِّ ما يكفي المسير َ إلى نهايات الجهات .
عشاؤكم ليس الأخير َ
وليس فينا من تراجَعَ , أو تداعى .
يا أهلَ لبنانَ ....الوداعا .
جَسَدان ِ في تابوتِ هذا الشرق نحنُ
يزوِّدان المزوَدَ المنسيَّ بالصرخاتِ ,
نحن بشارة الميلادِ نحنُ
وصورتان ِ لخطوةٍ
ٍ قد حاولت
ٍ قد حاولت
أن تهديَ الشرقَ المَشَاعا .
يا أهلَ لبنانَ ....الوداعا .
إسمان للتوحيد نحنُ :
على مشيئتنا أردنا أن نكونَ
ولا يكونَ الناسُ في الدنيا متاعا .
يا أهلَ لبنانَ ....الوداعا
والآن , أكملنا رسالتنا
إذ اتَّحدَ الشقيقُ مع العدوِّ
ولم نجد أرضا ً نُصَوِّب فوقها
دَمَنا
ونرفعه قلاعا .
يا أهلَ لبنانَ ....الوداعا .
اليوم إنجيلُ السوادْ ,
اليوم تابتْ مريم ٌ عن توبةِ التوباتِ وارتفع الحدادْ
إلى جبين الله
واختفتِ الملائكة ُ الصغيرة ُ
في أكاليل ِ الرمادْ ...
*************
والبحرُ أبيضُ
هذا سُفني الأخيرهْ
ترسو على دمع المدينة , وهي ترفع رايتي ,
لا راية ٌ بيضاء في بيروت
شكرا ً للذي يحمي المدينة من رحيلي
للَّتي مدت ضفيرتها لتحملني إلى سفني الأخيرهْ
- أين تذهبُ ؟
ليس لي بابٌ لأفتحَهُ لفارسيَ الأخيرْ
- والسبتُ أسودُ ,
ليس لي قلب ٌ لأخلعَهُ على قدميكَ يا ولدي الصغيرْ
أنا لا أودِّع , بل أوزِّع هذه الدنيا
على الزَّبد الأخيرْ
- وأين تذهبُ ؟
أينما حَطَّتْ طيورُ البحر ِ في البحر ِ الكبير ِ .
البحرُ دهشتنا ,هشاشتُنا
وغربتُنا ولعبتُنا
والبحرُ أرضُ ندائنا المستأصلَهْ
والبحرُ صُورَتُنَا
ومَنْ لا بَرَّ لَهْ
لا بَحْرَ لَهْ ...
........بحر ٌ أمامكَ ,فيكَ ,بحر ٌمن ورائكَ .
فوق هذا البحر بحرٌ , تحتهُ بحرٌ
وأنت نشيدُ هذا البحر ِ ....
كمْ كنا نحبُ الأزرقَ الكحليَّ لولا ظلنا المكسور فوق البحر ِ ,
كمْ كنا نُعِدُّ لشهر ِ أيلولَ الولائمَ .
- عَمَّ تبحث يا فتىً في زورق ِ الأوديسةِ المكسور ِ ؟
- عن جيش ٍ يحاربني و يهزمني فانطق بالحقيقة ثم أسأل :هل
أكونُ مدينة َ الشعراءِ يوما ً؟
- عَمَّ تبحث يا فتىً في زورق الأوديسةِ المكسور ِ ؟
- عن جيش أحاربهُ واهزمهُ ,
وعن جُزر ٍ تُسميها فتوحاتي , وأسال :هل تكون مدينة ُ الشعراءِ
وَهْمَا ؟
عَمَّ تبحث يا فتىً في زورق الأوديسةِ المكسور ِ ,عَمَّ ؟
- عن موجة ٍ ضيعتها في البحر ِ
عن خاتَمْ
لأسيِّجَ العالمْ
بحدود أغنيتي
- وهل يجدُ المهاجر موجة ً ؟
- يجد المهاجر موجة ً غرقتْ ويُرجعها مَعَهْ
بحر لتسكن ,أم تضيعْ
بحر لأيلولَ الجديدِ أم الرجوع إلى الفصول الأربعهْ
بحر أمامك ,فيك ,بحرٌ من ورائكَ .
تفتح الموجَ القديمَ :وُلدتُ قرب البحر من أمٍّ فلسطينية ٍ
وأبٍ آراميٍّ . ومن أمٍّ فلسطينية ٍوأبٍ مؤآبيٍّ . ومن أمٍّ فلسطينية ٍ
وأب ٍأشوريٍّ .ومنْ أمٍّ فلسطينيةٍ وأبٍ عروبيٍّ .ومن أمٍّ ,
ومن أمٍّ ....على حجر يُقَيِّدُ فوقه الرومانُ أسرى حربهم
ويُحررون جمالهم مني ...
أنا الحجر الذي شدَّ البحار إلى قُرون اليابسهْ
وأنا نبيُّ الأنبياءِ
وشِاعرُ الشعراءِ
منذ رسائل المصريِّ في الوادي إلى أشلاء طفل في شاتيلا .
أنا أوَّلُ القتلى وآخر مَنْ يموتْ .
إنجيلُ أعدائي وتوراةُ الوصايا اليائسهْ
كُتِبَتْ على جسدي
أنا ألف ٌ ,و باء ٌ في كتاب الرسم ,
يشبهني ويقتلني سوايْ
كلُّ الشعوب تعوَّدَتْ أن تدفن الموتى بأضلاعي
وتبني معبدا ً فيها
وترحلُ عن ثرايْ
و أنا أضيقُ أمام مملكتي
وَتَتَّسِعُ الممالك فيَّ ,
يسكنني ويقتلني سوايْ .
كل الشعوب تزوَّجت أمي ,
و أمي لم تكن إلاَّ لأمي
خصرها بحرٌ . ذراعاها سحابٌ يابسٌ
ونُعاسُها مطرٌ ونايْ .
وأنا أفيض أمام أغنيتي
وتحبسني خناجرها
يؤاخيني ويقتلني سوايْ.
....وأنا نشيدُ البحر ِ.
لا أرضى بما يرضي دَمَ الإغريقِ من ريح ٍ تهبُّ لتنتهي المأساةُ
وبالمأساة .قد ذبحوك كي يجدوك كرسيَّا ً فلا تجلسْ
لأن جميع آلهتي كلابُ البحر ِ
فاحذرها ولا تذهب إلى القربان ِ ...
إن الريح واقفةكخازوق ٌ
فلا تلمسْ يدَ القرصان ِ ,
لا تصعد إلى تلك المعابدِ
لا تصدِّقْ
لا تصدِّقْ
فهي مذبحة ٌ
ولا تخمد هجيرك عندما يتقمَّص السجَّانُ شكل الكاهن ِ
الرسمي ِّ ,
إنَّ جميع آلهتي كلابُ البحر ِ
فاحذرْها .
ودَعْ ...دَعْ كلَّ شيء واقفا ً
دَعْ كُل ما ينهارُ منهاراً ,
ولا تقرأ عليهم أيَّ شيءٍ من كتابك ْ ! ..
والبحرُ أبيضُ
والسماء ُ
قصيدتي بيضاءُ
والتمساحُ أبيضُ
والهواء ُ
وفكرتي بيضاء ُ
كلبُ البحر أبيض ُ
كل شيء أبيضٌ :
بيضاءُ دهشتُنا
بيضاءُ ليلتُنا
وخطوتنا
وهذا الكونُ أبيضُ
أصدقائي
والملائكة ُ الصغار ُ
وصورة الأعداءِ
أبيضُ , كل شيء صورة ُ بيضاءُ . هذا البحرُ , ملء البحر ِ ,
أبيضُ ...
***********************
لستَ آدمَ كي أقول خرجتَ من بيروت منتصراً على الدنيا
ومنهزماً أمام الله .
أنت المسألهْ
الأرضُ إعلانٌ على جدران هذا الكون
حَبَّةُ سُمْسُم ٍ , قتلاكَ
والباقي سدى
فاعط ِ المدى
إسم العيون ِ المهملَهْ
لك أن تكون – ولا تكونْ
لك أن تُكَوِّنْ
أو لا تُكَوِّنْ ..
كل أسئلة الوجودِ وراء ظِلَّكَ مهزلهْ .
والكونُ دفترك الصغيرُ ,
وأنت خالقُهُ ,
فدوِّنْ فيه فردوس البداية , يا أبي ..
أو لا تُدَوِّنْ
أنت ..أنت َ المسأله ْ.
ماذا تريدُ ؟
وأنت من أُسطورة ٍ تمشي إلى أُسطورة ٍ
عَلماً ؟
وماذا تنفع الأعلام ..
هل حَمَتِ المدينَة َ من شظايا قنبُلَهْ ؟ .
ماذا تريدُ ؟
جريدةً ؟
أتفقِّسُ الأوراقُ دُوريّاً
وتغزل سنبُله ؟
ماذا تريدُ ؟
أَشُرطَةً ؟
هل يعرف البوليسُ أين ستحبل الأرضُ الصغيرة ُ بالرياح
المُقْبلَهْ ؟
ماذا تريدُ ؟
سيادة ً فوق الرمادِ ؟
وأنت سَيِّدُ رُوحِنَا يا سَيِّد الكينونَةِ المتحوِّلَهْ .
فاذهب ..
فليسَ لك المكانُ و لا العروش / المزبلهْ .
حُرّيَّة ُ التكوين أنتَ
وخالقُ الطرقاتِ أنتَ
وأنت عكسُ المرحلهْ .
واذهب فقيرا كالصلاةِ
وحافيا كالنهر في درب الحصى
ومُؤَجَّلاً كقرنفله ْ.
لا , لست آدم كي أقول خرجتَ من بيروت أو عَمَّانَ أو
يافا , وأنت المسألهْ .
فأذهب إليكَ , فأنتَ أوسعُ من بلاد الناس ِ , أوسعُ من فضاء
المقصله
مستسلما لصواب قلبكَ
تخلع المدنَ الكبيرة َ والسماءَ المسدلَهْ
وتمدُّ أرضاً تحت راحتك الصغيرة ,
خيمة ً
أو فكرة ً
أو سنبلهْ .
كمْ من نبي ٍّ فيك جَرَّبَ
كم تعذَّب كي يُرَتَّبَ هيكلهْ .
عبثاً تحاول يا أبي مُلْكَاً ومَمْلَكَة ً
فَسِرْ للجُلْجُلَهْ
واصعدْ معي
لنعيدَ للروح المشرَّد أوَّلَهْ
ماذا تريد , وأنت سَيِّدُ روحنا
يا سَيِّدَ الكينونة المتحوِّلَهْ ؟
يا سَيِّدَ الجمرهْ
يا سَيِّدَ الشعلهْ
ما أوسع الثورهْ
ما أضيقَ الرحلهْ
ما أكبرَ الفكرهْ
ما أصغرَ الدولهْ !....